التجربة الشعرية:
هي الصورة الكاملة النفسية أو الكونية التي يصورها الشاعر حين يفكر في أمر من الأمور تفكيرًا يستحوذ على مشاعره وأحاسيسه، فلا يجد مُتنَفسًا إلا فيما ينظمه من شعر.
موضوعات التجربة الشعرية
لا حصر لها، فهي تتسع لكل ما في الحياة صّغُرَ أو كَبـُرَ، ولكن إذا اجتمع جلال الموضوع وصدق العاطفة زاد ذلك من قيمة التجربة وسما بها.
أنواع التجارب الشعرية:
تجربة ذاتية : وفيها يطيل الشاعر التأمل في عالمه الخاص به هو، مثل: قصيدة "المساء لمطران".
تجربة عامة "إنسانية": وهى التي ينتقل الشاعر فيها من إطار عالمه الخاص، ويَمَسُّ جانبًا سياسيًّا أو اجتماعيًّا يشغل الناس، مثل: "النسور" لمحمد إبراهيم أبو سنة.
ذاتية تحولت إلى عامة: وهى التـي ينفعل فيها الشعر بحدث معين، ثم تقوى عاطفته ويشاركه الآخرون، مثل قصيدة "غربة وحنين" لشوقي.
عناصر التجربة الشعرية
1 ـ الوِجْدان.
2 ـ الفِكْر.
3 ـ الصورة التعبيرية.
الوِجْدان:
هو انفعال الشاعر بالتجربة، وأحاسيسه النفسية من سخط أو حزن أو ألم أو حيـرة، كما رأيت في أبيات الشابي السابقة؛ فقد عبر عن تجربته من خلال وجدانه، وكان صادقًا أمينًا في نقل مشاعر الحقد والكراهية والسخرية من المستعمر، والحزن علـى الشعوب المغلوبة، والثقة في انتصارها على المستعمرين. وبهذا خرجت التجربة الشعرية من النطاق الذاتي إلى النطاق الإنساني فالصدق الشعوري هو أساس الجودة في التجربة الشعرية؛ لأن الوجدان يُكسب التجربة ذاتيتها وروحها ويمنحها حيوية الأداء وقوة التأثير، ولكن ليس من الضروري في صدق التجربة أن يكون الشاعر قد عاناها في عالم الواقع، فقد يتناول الشاعر عالـمًا خياليًّا ولكن يعبـر عنه تعبيـرًا صادقًا وأمينًا وينقل ما تخيله كما عاناه،
مثل: قصيدة "البلاد المحجوبة" لجبران التي يقول فيها:
يا بلادًا حُجِبت منذُ الأزل *** كيف نرجوك ومن أين السبيل؟
أيُّ قَفرٍ دُونَها أيُّ جبل **** سُورُها العالي وَمَن منَّا الدليل؟
فهو يتحدث عن العالم الأفضل الذي يتخيله، ومع ذلك فهو صادق في تجربته.
نستنتج مما سبق:
الصدق في تجربة: هو أن ينقل الشاعر إلينا أحاسيسه نقلًا أمينًا دون تزييف.
الصدق الشعوري أساس التجربة؛ ولذلك لا يُعد منها ما يصدر عن مجرد الحس،
مثل: شعر المناسبات الذي يُقال دون انفعال، وشعر التقليد، والسرقات الشعرية، أو المحاكاة للطبيعة دون اندماج فيها.
ليس ضروريًّا في صدق التجربة أن تكون واقعية، فقد تكون خيالية وصادقة إذا كان الشاعر أمينًا في نقل ما تخيَّله كما عاناه وتمثله.
الفكرالفكر
ليس معنى أن الشعر تعبيـر عن تجربة وجدانية خلوه من الفكر، فأبيات الشابي السابقة تحمل فكرًا عميقًا خصبًا يتناول ظلم المستعمر واستبداده وعداوته للحياة، وجاءت هذه الفِكَر ممتزجة بعاطفة ملتهبة، فالتجربة هنا نتاج الوجدان والفكر معًا، فإذا كان الوجدان يعطي التجربة ذاتيتها وروحها فإن الفكر هو الذي يضـمن لها عنصر الدقة والموضوعية، ويساعد على تنسيق الخواطر والصور والربط بين أجزائها ويحول دون انسياب العاطفة.
فالأديب الجيد مزيج من الفكر والإحساس، والشاعر الحق هو الذي يفكر بوجدانه، ويشعر بعقله؛ أي يمزج الفكر بالعاطفة حتى يتحقق لشعره الخلود، ويتم له الترابط الفكري والشعوري، فإذا زادت العاطفة غلب عليه الانسياب العاطفي وهذا عيب،
كما في قول الشاعر:
واهًا لسلمى ثم واهًا واهَا *** يا ليتَ عيْنَاها لنا وَفَاها
فقد أكثر من "واهاته" ولم يبلغ أعماق النفوس ولم يؤثر فيها.
وإذا كانت التجربة فكرًا خالصًا فقدت روح الشعر وحرارته وصارت فكرًا جافًّا يخاطب العقل، ولا يحرك الإحساس، وحين ننتهى من قراءتها لا تترك فينا أثرًا، ولا يعلق بذهننا شيء منها،
كقول أبي العتاهية:
ما انتفع المرءُ بمثلِ عقلِهِ *** وخـيرُ ذخْرِ المرءِ حُسنُ فِعلِه
وكقول الشيخ (علي الليثي) في أعقاب الثورة العرابية:
كل حالٍ لضدِّه يَتَحَوَّلْ *** فالْزَمِ الصبرَ إذْ عليهِ المُعَوَّلْ
تتكون الصورة التعبيرية من:
- الألفاظ العبارات.
- الصور والأخيلة.
- الموسيقا.
الألفاظ والعبارات:
الشعر هو الفن الوحيد الذى تلتقى فيه الفنون الجميلة، ففيه من الأدب فن الكلمة، ومن الموسيقا إيقاع النغم، ومن النحت تجسيم المعاني، ومن الرسم تصوير المواقف الشعرية.
واللفظ هو مادة التعبير، وهو الأداة الساحرة التي ينقل بها الشاعر إلينا فكره ووجدانه.
والشاعر لا يختار لفظته، ولا يصوغها مع غيرها اعتباطًا، وإنما يختارها ويصوغها مع غيرها ليكسبها هذه الطاقة الفنية من المشاعر والدلالات التي تعطيها قيمتها وحياتها وأثرها في نقل التجربة، ومن هنا تختلف الدلالة التي تحملها اللفظة في المعجم عن دلالتها في التجربة الشعرية، فهي في المعجم تدل على معنـى كلى عام، ولكنها في التجربة الشعرية قطعة من نفس الشاعر، تحمل ملامح فكره وروحه ودنياه، ومن هنا يتفاوت الشعراء،
ولذلك يقول النقاد:
«إن المعاني مطروحة في الطريق والألفاظ موفورة في المعاجم، ولكن الأديب الموهوب هو الذي يؤلف بينهما تأليفًا ممتعًا، فإن براعة الخلق الفني مستقرة في العبارة ذاتها».
ليست هناك ألفاظ شعرية وأخرى غـير شعرية، بل يكتسب اللفظ شاعريته من تناسقه مع الجو النفسي ومن جمال وقعه في موضعه، فانظر قول إيليا أبو ماضي:
نسـى الطين ساعة أنه *** وكسا الخز جسـمه فتباهى
طين حقـيـر فصال تيهًا وعربد *** وحوى المال كيسه فتـمـرد
فكلمة "طين" تبدو غيـر شاعرية، وتدل في المعجم على تلك المادة الترابية المبللة بالماء، ولكن "إيليا" استخدمها في مجال حثِّ المتكبـر على التواضع ببيان أصله، فحمّلها من الدلالات والإيحاءات ما لا تغنـي فيها لفظة أخرى في مجالها، فوقعت أجمل موقع.
مقاييس جمال اللفظ والعبارة في الصياغة الشعرية:
1 ـ وضوح الدلالة اللفظية ودقتها في أداء المعنى.
2 ـ موافقتها لقواعد النحو والصرف.
3 ـ البعد عن تنافر الحروف، وغرابة المعنى.
كما وضع البلاغيون لجمال العبارة مقياسًا دقيقًا حين عرَّفوا البلاغة
بأنها (مطابقة الكلام لمقتضـى الحال) من حيث التقديم والتأخير، والذكر والحذف، والتوكيد، والربط بين الجمل، والإيجاز، إلخ.
ولعل أصدق مقياس للأداء الشعري الدقيق أنك لا تستطيع أن تجد لفظة أدق في نقل فكرة الشاعر وإحساسه من اللفظة التي استخدمها، كما لا تجد أحكم مما جاء به.
والأخيلة:
ارجع إلى أبيات الشابي السابقة وتأمل الصياغة في المقطع الأول، تلمح من خلالها عنصرًا آخر له أثره القوي في نقل فكرة الشاعر وعاطفته نقلًا حيًّا مؤثرًا، وهذا العنصر هو التصوير، ففي هذه المقطوعة صورة فنية لية نقلت لك رؤيا الشاعر مجسمة، وعرضت عليك وحشية المستعمر عرضًا حيًّا مؤثرًا وقد تَكوَّن من عناصر، هي: طاغية مستبد، وشعب يئن، ودماء تسيل، وكوْنٌ مُشَوَّه، وربًا مملوءة شوكًا.
وخطوط هذه الصورة الكلية:
لَون: تراه في الدماء،
صوت : تسـمعه في سخرية الظالم وأنَّات الشعوب،
حركة : تحسها في قتل الأبرياء.
وفي إطار هذه الصورة الكلية صور جزئية، منها ما يعتمد على الخيال،
مثل: "كفك مخضوبة من دماه، تشوه سحر الوجود، شوك الأسى" وكل منها يوضح الفكرة ويجسمها، ويبـرز الشعور الذي أوحى بها فتقع من نفس القارئ والسامع موقعًا لم تكن تحسه مع التعبيـر العادي الـمألوف، ومنها صور أخرى واقعية لا تعتمد على الخيال،
مثل: "سخِرت، تبذر"، وتتابع الصفات: "الظالم ـ المستبد"، وليس يغض من الصورة أن تكون واقعية متى كانت مصورة لبعض الجوانب التي يُغني فيها الواقع أكثر مما يُغني
الخيال.
مقاييس جمال الصور والأخيلة:
1ـ أن تكون ملائمة للموضوع وللجو النفسي:
ولذلك عابوا قول شوقي في وصف أكفان "توت عنخ آمون":
وكــأنـــَّهــــــــنَّ كـمـائـــم *** وكـــأنــك الـــوردُ الـــجَــنـيـن
لأنه شبه الأكفان بأكمام الزهر، وشبه جُثَّة "توت عنخ آمون" بالورد في داخلها، وشتان بين جمال الورد وجو الأكفان وجثة الميت، فالصورة غيـر ملائمة للموضوع ولا للجو النفسـي، ويمكن الدفاع عن الشاعر بأن هدفه تعظيم "توت عنخ آمون" الذي مات في عمر الأزهار.
2ـ ألَّا تقوم الصورة على التشابه الشكلي فقط، وألا تكون صدًى لإدراك حسـي ظاهري، بل لا بد فيها من شعور داخلي نفسي،
ولذلك عاب النقاد قول "خليل مطران":
والشـــمــس فــي شــفَـــق يسيـــل نضـــــاره فــــوق العـقــيــــق عـــلـى ذُرًا ســـوداء
لأن استخدام كلمتـي "نضار ــ عقيق" مخالف للجو النفسـي الحزين؛ لأن الذهب والعقيق يوحيان بالسعادة، فأخذ منهما الشكل فقط.
3ـ أن ترتبط بغيرها من الصور الجزئية،
فقد عاب النقاد قول شوقي:
قِــفْ بـتـلك القصـــور فــي الـيـمِّ غــرقـــى مـمـسكًـا بـعضُهــا مـن الـذُّعـر بَعضَــا
كّــعَـــذارى أخــفـيـن فــي الـمــاء بـــضًّــــا ســــابـــحـات بـــه وأبـــدَيــــن بـضّـــا
فقد جعل القصور أشخاصًا يمسك بعضها ببعض خوف الغرق، وهي صورة توحي بالفزع، وفي البيت الثاني شبه القصور بفتيات سابحات وهي صورة توحي بالمرح، فالصورتان لا تأتلفان.
4 ـ أن تكون أقرب إلى الإيحاء منها إلى التعبيـر الصريح المباشر؛ لأن الصورة الصريحة تفقد تأثيرها، أما الموحية فيستمر تأثيرها.
5 ـ تزداد الصورة جمالًا إذا كانت طريفة أو مبتكرة، تقوم على لمح العلاقات البعيدة بين الأشياء؛ فتؤثر في الفكر والشعور،
مثل: (الخيال المجنح، والأمل الأخضر، وعرائس النور).
6 ـ الخيال يصور الواقع ولا يزيفه، فالمبالغة في الخيال يعيبها النقاد.
الموسيقا:
يُقال: إن الشعر موسيقا ذات أفكار، وذلك لأن الشعر هو لغة التعبير عن العاطفة، والموسيقا هي أقرب الوسائل المؤثرة في العاطفة؛ فتبعث المتعة في نفس القارئ والسامع من أقرب طريق.
الموسيقا في الشعر نوعان (ظاهرة وداخلية):
الموسيقا الظاهرة، تقوم على:
حركة الوزن.
إيقاع القافية.
المحسنات اللفظية: "جناس ـــ تصريع ـــ حسن تقسيم".
يقول مطران:
متفرد بصبابتي متفرد بكآبـــــــتي متفرد بعنائي
فنجد في البيت حسن تقسيم، كما أن الكلمتين "صبابتي ـــ كآبتي" بينهما جناس ناقص، يعطي جرسًا موسيقيًّا.
ويقول شوقي:
اختلاف النهار والليل ينسـي *** اذكرا لـى الصبا وأيام أنسـى
في البيت تصريع، يعطي جرسًا موسيقيًّا جميلًا،
وأيضًا هناك جناس ناقص بين (ينسي/ أنسي).
شروط جودة القافية:
- أن تتفق مع موضوع القصيدة.
- أن تلائم الجو النفسي.
- ألَّا تكون متكلفة، وتتلاءم مع موسيقى الأبيات.
- ألا يكون قبلها كلمة أقوى منها أدت المعنى.
الموسيقا الداخلية "الخفية":
وتُسمى خفيَّة لأنها تشيع في كل النص، ولا يتحدد موضعها، فهي التي تدركها النفس وتؤثر فيها داخليًّا وهى تنبع من:
- إيحاء الألفاظ.
- ترابط الأفكار وترتيبها.
- روعة التصوير.
- العاطفة الصادقة.
الوحدة الفنية تتمثل في:
وَحْدَة الموضوع
وحدة الجو النفسي.
والمقصود بالوحدة الفنية:
أن تكون القصيدة بنية حيّة متكاملة، وليست قطعًا متناثرة يجمعها إطار واحد.
فيجب أن تتتابع الأفكار والصور، بحيث تؤدى كل فكرة أو صورة وظيفتها الحيوية في بناء التجربة، فتتم الصلة المعنوية بين أجزاء القصيدة، والتماسك بين أفكارها، بحيث يكون الانتقال من فكرة إلى أخرى نتيجة طبيعية لا فجائية؛ فيصعب عليك أن تحذف بيتًا، أو تغير مكانه من القصيدة؛ لأنها كالجسم الحَيِّ لا يجوز بتـر أحد أعضائه، أو نقله؛ ولذلك يعيب النقاد على الشعر القديم تعدد الأغراض في القصيدة الواحدة، وعدم ترتيب أفكارها، وتفكك أبياتها، وتناقض معانيها أحيانًا.
يقول شوقي في قصيدته "أبو الهول":
أبا الهول طالَ عليك العُصُر *** وبُلِّغت في الدَّهر أقصى العُمُر
تهزَّأت دهرًا بديك الصَّباح *** فنَقَّر عينيك فيما نقّر
فَعُدْت كأنك ذو المحبَسَين *** قطيع القيام، سليبَ البصر
كأنك فيها لواء القضاء *** على الأرض، أو ديْدَبان القَدَر
أبا الهول أنت نديم الزمان *** نَجِيُّ الأوانِ، سـَمير العُصُر
فلم تتم الوحدة الفنية لما يأتي:
1- معنى البيت الأول مكرر مع البيت الأخير.
2- هناك تناقض بين معنى البيت الثاني والرابع، فأبو الهول ضعيف يتهزأ بديك الصباح فينقر عينيه، ثم هو لواء القضاء وديدبان القدر، وذلك وصف له بالعظمة.
هناك تناقض بين معنى البيت الثالث والرابع، فهو (قطيع القيام سليب البصر) أي أنه أعمى وعاجز عن الحركة، ثم هو (ديدبان القدر) والحارس لا يكون أعمى ولا عاجزًا عن القيام.
وقد يُرد على ذلك بأنه لا تناقض،
فأبو الهول رمزُ للإنسان، فهو ضعيف وقوي، وبصير وأعمى، وحبيس وحارس في الوقت نفسه.
والمراد بـ"وحدة الجو النفسي":
الملاءمة بين الموقف الشعري والإيحاء النفسي الذي توحيه الألفاظ والصور والموسيقا، وقد سبق الحديث عن النقد الموجه لشوقي في وصف قصر "أنس الوجود" لأن تشبيهه بالعذارى السابحات لا يلائم الجو النفسي لمشهد الغرقى.
وليس معنى وحدة الجو النفسي ثبات الشاعر على إحساس واحد في كل القصيدة، فقد يعتريه حالات شعورية متفاوتة تجعله يفرح أو يغضب أو يتهلل، ثم ينقبض فيصدر عنه النغم المرح حينًا، والحزين حينًا آخر؛ ولكنه يكون مرتبطًا بحالته النفسية دائمًا كالقطعة الموسيقية تتفاوت أنغامها، وقد تتعدد آلاتها، ولكنها تظل مترابطة العناصر.
وتعد الوحدة العضوية من مظاهر التجديد في شعرنا العربي الحديث
تمسكت بها الرومانسية والمدرسة الواقعية الجديدة، وتؤكد هذه الوحدة الفنية على صدق تجربة الشاعر، وأخص سماتها أننا لا نستطيع أن نزيد أو ننقص شيئًا غير ما اختاره الشاعر.
بين الفكر والوجدان:
إذا كان السؤال عن الترابط بين الفكر والوجدان فإجابته واحدة، حتى وإن اختلفت صيغ السؤال.
فقد تأتي الصيغة (وضح الـتـرابط بين الفكر والشعور في الأبيات)، (الفكر والوجدان)، (مزج الشاعر بين عاطفته وفكره).
كل الصيغ السابقة للسؤل لها نفس الإجابة كالآتي:
الشعر الجيد هو ما امتزج فيه الفكر بالوجدان، والشاعر الجيد هو الذى يفكر بقلبه ويحس بعقله، وتسيطر على الشاعر في الأبيات عاطفة …… وقد عبر الشاعر عن عاطفته تعبيرًا جيدًا ومزجها بفكره؛ حيث يقول ......(شرح موجز للأبيات).
الترابط الفكري
إذا كان السؤال هكذا
في الأبيات ترابط فكرى وضح ذلك؟
أو جاءت الأفكار مترابطة في الأبيات. وضح؟
عند الإجابة: نتحدث عن الأفكار الجزئية التي اشتملت عليها الأبيات ونوضح ما بينهما من ترابط في العلاقة الفكرية، هل هي سبب، نتيجة، تعليل، توضيح؟
(موسيقى الشعر)
إذا كان السؤال هكذا
تعددت موسيقى الشعر في الأبيات، وضحها واذكر أثرها.
أوحدد الطابع المميز للموسيقى في الأبيات.
أو في الأبيات موسيقى ظاهرة وأخرى خفية، وضح مظاهر كل منهما.
عند الإجابة نقول:
الشعر هو لغة التعبير عن العاطفة، والموسيقا هي أقرب الوسائل المؤثرة في العاطفة؛ لأنها تبعث المتعة في نفس القارئ، وقد اعتمد الشاعر على نوعين من الموسيقا:
ظاهرة: وتتمثل في: الوزن، القافية، وبعض المحسنات اللفظية مثل: "وتذكر المحسنات اللفظية الموجودة في الأبيات".
خفية: وتتمثل في: الألفاظ التي جاءت نابعة من صدق العاطفة وترابط الأفكار وروعة الخيال وإيحاء الكلمات، مثل …….
(الوحدة العضوية/ الفنية)
إذا كان السؤال هكذا
هل تحققت الوحدة العضوية/ الفنية في الأبيات؟ ناقش.
اقرأ الأبيات جيدًا، وإذا كانت تدور حول موضوع واحد وجو نفسي واحد نقول: تحققت
الوحدة العضوية فيما يلي:
1) وحدة الموضوع: الموضوع واحد يدور حول …………..
2) الجو النفسي: فالعاطفة في الأبيات واحدة، وهي عاطفة ...........
3) ترابط الأفكار: فقد جاءت الأفكار مترابطة ومعبرة عن صدق الشاعر وأحاسيسه.
أمَّا إذا تعددت الموضوعات؛ نقول: لم تتحقق الوحدة العضوية؛ فقد تعددت الموضوعات في هذه الأبيات وفقدت الوحدة فيها.
(أثر العاطفة على الألفاظ)
ـ إذا كان السؤال هكذا تظهر عاطفة الشاعر من خلال ألفاظه. وضح واستدل.
عند الإجابة نقول: إن اللفظ وعاء العاطفة، والشاعر تسيطر عليه عاطفة ………. وقد اختار ألفاظًا توحى بقوة تلك العاطفة، مثل: ………. يوحى ……… وكلمة …………. توحى بـ ……………..
(القيمة الفنية لبعض الكلمات)
إذا سئلت: وضح القيمة الفنية لقوله
أو: ما الذى توحيه الكلمات "…/ ..."؟
عند الإجابة؟ تنظر إلى موضوع الكلمة وتشعر بما فيها من إيحاء قوى ثم نعبر عنه.
تلك مصر فكيف ينساك يا مصر
أينما كنت أنت كعبة آمالي *** فؤاد معلق الأوطار؟
ووقف عليك طول ادكارى
معلق: تدل على شدة حب الشعر لوطنه
كعبة آمالي:
توحى بقداسة مصر عند أبنائها. ادكاري: تدل على تذكر الشاعر لمصر دائمًا ... وهكذا.
رسم الشاعر لنا صورة كلية وضح عناصرها الرئيسية من الأبيات.
رسم الشاعر لنا في هذه الأبيات صور كلية عناصرها ..........، ......، ..... وأطرافها في: الصوت و نسمعه في ........، واللون نراه في ........، والحركة نحسها في
أثر الصورة الكلية: تعبر عن تجربة الشاعر الكاملة وتبرز الإطار الفني لها.
أثر الأساليب:
الأسلوب الخبري: ينقل الأفكار والمشاعر على أنها حقائق ثابتة لا تقبل الجدال.
الأسلوب الإنشائي: لإثارة الذهن والتشويق.
التنويع بين الخبر والإنشاء: لإثارة ذهن القارئ وطلبًا لمشاركته في الفكر والوجدان.
التجربة الشعرية:
هي الصورة الكاملة النفسية أو الكونية التي يصورها الشاعر حين يفكر في أمر من الأمور تفكيرًا يستحوذ على مشاعره وأحاسيسه، فلا يجد مُتنَفسًا إلا فيما ينظمه من شعر.
موضوعات التجربة الشعرية
لا حصر لها، فهي تتسع لكل ما في الحياة صّغُرَ أو كَبـُرَ، ولكن إذا اجتمع جلال الموضوع وصدق العاطفة زاد ذلك من قيمة التجربة وسما بها.
أنواع التجارب الشعرية:
تجربة ذاتية : وفيها يطيل الشاعر التأمل في عالمه الخاص به هو، مثل: قصيدة "المساء لمطران".
تجربة عامة "إنسانية": وهى التي ينتقل الشاعر فيها من إطار عالمه الخاص، ويَمَسُّ جانبًا سياسيًّا أو اجتماعيًّا يشغل الناس، مثل: "النسور" لمحمد إبراهيم أبو سنة.
ذاتية تحولت إلى عامة: وهى التـي ينفعل فيها الشعر بحدث معين، ثم تقوى عاطفته ويشاركه الآخرون، مثل قصيدة "غربة وحنين" لشوقي.
عناصر التجربة الشعرية
1 ـ الوِجْدان.
2 ـ الفِكْر.
3 ـ الصورة التعبيرية.
الوِجْدان:
هو انفعال الشاعر بالتجربة، وأحاسيسه النفسية من سخط أو حزن أو ألم أو حيـرة، كما رأيت في أبيات الشابي السابقة؛ فقد عبر عن تجربته من خلال وجدانه، وكان صادقًا أمينًا في نقل مشاعر الحقد والكراهية والسخرية من المستعمر، والحزن علـى الشعوب المغلوبة، والثقة في انتصارها على المستعمرين. وبهذا خرجت التجربة الشعرية من النطاق الذاتي إلى النطاق الإنساني فالصدق الشعوري هو أساس الجودة في التجربة الشعرية؛ لأن الوجدان يُكسب التجربة ذاتيتها وروحها ويمنحها حيوية الأداء وقوة التأثير، ولكن ليس من الضروري في صدق التجربة أن يكون الشاعر قد عاناها في عالم الواقع، فقد يتناول الشاعر عالـمًا خياليًّا ولكن يعبـر عنه تعبيـرًا صادقًا وأمينًا وينقل ما تخيله كما عاناه،
مثل: قصيدة "البلاد المحجوبة" لجبران التي يقول فيها:
يا بلادًا حُجِبت منذُ الأزل *** كيف نرجوك ومن أين السبيل؟
أيُّ قَفرٍ دُونَها أيُّ جبل **** سُورُها العالي وَمَن منَّا الدليل؟
فهو يتحدث عن العالم الأفضل الذي يتخيله، ومع ذلك فهو صادق في تجربته.
نستنتج مما سبق:
الصدق في تجربة: هو أن ينقل الشاعر إلينا أحاسيسه نقلًا أمينًا دون تزييف.
الصدق الشعوري أساس التجربة؛ ولذلك لا يُعد منها ما يصدر عن مجرد الحس،
مثل: شعر المناسبات الذي يُقال دون انفعال، وشعر التقليد، والسرقات الشعرية، أو المحاكاة للطبيعة دون اندماج فيها.
ليس ضروريًّا في صدق التجربة أن تكون واقعية، فقد تكون خيالية وصادقة إذا كان الشاعر أمينًا في نقل ما تخيَّله كما عاناه وتمثله.
الفكرالفكر
ليس معنى أن الشعر تعبيـر عن تجربة وجدانية خلوه من الفكر، فأبيات الشابي السابقة تحمل فكرًا عميقًا خصبًا يتناول ظلم المستعمر واستبداده وعداوته للحياة، وجاءت هذه الفِكَر ممتزجة بعاطفة ملتهبة، فالتجربة هنا نتاج الوجدان والفكر معًا، فإذا كان الوجدان يعطي التجربة ذاتيتها وروحها فإن الفكر هو الذي يضـمن لها عنصر الدقة والموضوعية، ويساعد على تنسيق الخواطر والصور والربط بين أجزائها ويحول دون انسياب العاطفة.
فالأديب الجيد مزيج من الفكر والإحساس، والشاعر الحق هو الذي يفكر بوجدانه، ويشعر بعقله؛ أي يمزج الفكر بالعاطفة حتى يتحقق لشعره الخلود، ويتم له الترابط الفكري والشعوري، فإذا زادت العاطفة غلب عليه الانسياب العاطفي وهذا عيب،
كما في قول الشاعر:
واهًا لسلمى ثم واهًا واهَا *** يا ليتَ عيْنَاها لنا وَفَاها
فقد أكثر من "واهاته" ولم يبلغ أعماق النفوس ولم يؤثر فيها.
وإذا كانت التجربة فكرًا خالصًا فقدت روح الشعر وحرارته وصارت فكرًا جافًّا يخاطب العقل، ولا يحرك الإحساس، وحين ننتهى من قراءتها لا تترك فينا أثرًا، ولا يعلق بذهننا شيء منها،
كقول أبي العتاهية:
ما انتفع المرءُ بمثلِ عقلِهِ *** وخـيرُ ذخْرِ المرءِ حُسنُ فِعلِه
وكقول الشيخ (علي الليثي) في أعقاب الثورة العرابية:
كل حالٍ لضدِّه يَتَحَوَّلْ *** فالْزَمِ الصبرَ إذْ عليهِ المُعَوَّلْ
تتكون الصورة التعبيرية من:
- الألفاظ العبارات.
- الصور والأخيلة.
- الموسيقا.
الألفاظ والعبارات:
الشعر هو الفن الوحيد الذى تلتقى فيه الفنون الجميلة، ففيه من الأدب فن الكلمة، ومن الموسيقا إيقاع النغم، ومن النحت تجسيم المعاني، ومن الرسم تصوير المواقف الشعرية.
واللفظ هو مادة التعبير، وهو الأداة الساحرة التي ينقل بها الشاعر إلينا فكره ووجدانه.
والشاعر لا يختار لفظته، ولا يصوغها مع غيرها اعتباطًا، وإنما يختارها ويصوغها مع غيرها ليكسبها هذه الطاقة الفنية من المشاعر والدلالات التي تعطيها قيمتها وحياتها وأثرها في نقل التجربة، ومن هنا تختلف الدلالة التي تحملها اللفظة في المعجم عن دلالتها في التجربة الشعرية، فهي في المعجم تدل على معنـى كلى عام، ولكنها في التجربة الشعرية قطعة من نفس الشاعر، تحمل ملامح فكره وروحه ودنياه، ومن هنا يتفاوت الشعراء،
ولذلك يقول النقاد:
«إن المعاني مطروحة في الطريق والألفاظ موفورة في المعاجم، ولكن الأديب الموهوب هو الذي يؤلف بينهما تأليفًا ممتعًا، فإن براعة الخلق الفني مستقرة في العبارة ذاتها».
ليست هناك ألفاظ شعرية وأخرى غـير شعرية، بل يكتسب اللفظ شاعريته من تناسقه مع الجو النفسي ومن جمال وقعه في موضعه، فانظر قول إيليا أبو ماضي:
نسـى الطين ساعة أنه *** وكسا الخز جسـمه فتباهى
طين حقـيـر فصال تيهًا وعربد *** وحوى المال كيسه فتـمـرد
فكلمة "طين" تبدو غيـر شاعرية، وتدل في المعجم على تلك المادة الترابية المبللة بالماء، ولكن "إيليا" استخدمها في مجال حثِّ المتكبـر على التواضع ببيان أصله، فحمّلها من الدلالات والإيحاءات ما لا تغنـي فيها لفظة أخرى في مجالها، فوقعت أجمل موقع.
مقاييس جمال اللفظ والعبارة في الصياغة الشعرية:
1 ـ وضوح الدلالة اللفظية ودقتها في أداء المعنى.
2 ـ موافقتها لقواعد النحو والصرف.
3 ـ البعد عن تنافر الحروف، وغرابة المعنى.
كما وضع البلاغيون لجمال العبارة مقياسًا دقيقًا حين عرَّفوا البلاغة
بأنها (مطابقة الكلام لمقتضـى الحال) من حيث التقديم والتأخير، والذكر والحذف، والتوكيد، والربط بين الجمل، والإيجاز، إلخ.
ولعل أصدق مقياس للأداء الشعري الدقيق أنك لا تستطيع أن تجد لفظة أدق في نقل فكرة الشاعر وإحساسه من اللفظة التي استخدمها، كما لا تجد أحكم مما جاء به.
والأخيلة:
ارجع إلى أبيات الشابي السابقة وتأمل الصياغة في المقطع الأول، تلمح من خلالها عنصرًا آخر له أثره القوي في نقل فكرة الشاعر وعاطفته نقلًا حيًّا مؤثرًا، وهذا العنصر هو التصوير، ففي هذه المقطوعة صورة فنية لية نقلت لك رؤيا الشاعر مجسمة، وعرضت عليك وحشية المستعمر عرضًا حيًّا مؤثرًا وقد تَكوَّن من عناصر، هي: طاغية مستبد، وشعب يئن، ودماء تسيل، وكوْنٌ مُشَوَّه، وربًا مملوءة شوكًا.
وخطوط هذه الصورة الكلية:
لَون: تراه في الدماء،
صوت : تسـمعه في سخرية الظالم وأنَّات الشعوب،
حركة : تحسها في قتل الأبرياء.
وفي إطار هذه الصورة الكلية صور جزئية، منها ما يعتمد على الخيال،
مثل: "كفك مخضوبة من دماه، تشوه سحر الوجود، شوك الأسى" وكل منها يوضح الفكرة ويجسمها، ويبـرز الشعور الذي أوحى بها فتقع من نفس القارئ والسامع موقعًا لم تكن تحسه مع التعبيـر العادي الـمألوف، ومنها صور أخرى واقعية لا تعتمد على الخيال،
مثل: "سخِرت، تبذر"، وتتابع الصفات: "الظالم ـ المستبد"، وليس يغض من الصورة أن تكون واقعية متى كانت مصورة لبعض الجوانب التي يُغني فيها الواقع أكثر مما يُغني
الخيال.
مقاييس جمال الصور والأخيلة:
1ـ أن تكون ملائمة للموضوع وللجو النفسي:
ولذلك عابوا قول شوقي في وصف أكفان "توت عنخ آمون":
وكــأنـــَّهــــــــنَّ كـمـائـــم *** وكـــأنــك الـــوردُ الـــجَــنـيـن
لأنه شبه الأكفان بأكمام الزهر، وشبه جُثَّة "توت عنخ آمون" بالورد في داخلها، وشتان بين جمال الورد وجو الأكفان وجثة الميت، فالصورة غيـر ملائمة للموضوع ولا للجو النفسـي، ويمكن الدفاع عن الشاعر بأن هدفه تعظيم "توت عنخ آمون" الذي مات في عمر الأزهار.
2ـ ألَّا تقوم الصورة على التشابه الشكلي فقط، وألا تكون صدًى لإدراك حسـي ظاهري، بل لا بد فيها من شعور داخلي نفسي،
ولذلك عاب النقاد قول "خليل مطران":
والشـــمــس فــي شــفَـــق يسيـــل نضـــــاره فــــوق العـقــيــــق عـــلـى ذُرًا ســـوداء
لأن استخدام كلمتـي "نضار ــ عقيق" مخالف للجو النفسـي الحزين؛ لأن الذهب والعقيق يوحيان بالسعادة، فأخذ منهما الشكل فقط.
3ـ أن ترتبط بغيرها من الصور الجزئية،
فقد عاب النقاد قول شوقي:
قِــفْ بـتـلك القصـــور فــي الـيـمِّ غــرقـــى مـمـسكًـا بـعضُهــا مـن الـذُّعـر بَعضَــا
كّــعَـــذارى أخــفـيـن فــي الـمــاء بـــضًّــــا ســــابـــحـات بـــه وأبـــدَيــــن بـضّـــا
فقد جعل القصور أشخاصًا يمسك بعضها ببعض خوف الغرق، وهي صورة توحي بالفزع، وفي البيت الثاني شبه القصور بفتيات سابحات وهي صورة توحي بالمرح، فالصورتان لا تأتلفان.
4 ـ أن تكون أقرب إلى الإيحاء منها إلى التعبيـر الصريح المباشر؛ لأن الصورة الصريحة تفقد تأثيرها، أما الموحية فيستمر تأثيرها.
5 ـ تزداد الصورة جمالًا إذا كانت طريفة أو مبتكرة، تقوم على لمح العلاقات البعيدة بين الأشياء؛ فتؤثر في الفكر والشعور،
مثل: (الخيال المجنح، والأمل الأخضر، وعرائس النور).
6 ـ الخيال يصور الواقع ولا يزيفه، فالمبالغة في الخيال يعيبها النقاد.
الموسيقا:
يُقال: إن الشعر موسيقا ذات أفكار، وذلك لأن الشعر هو لغة التعبير عن العاطفة، والموسيقا هي أقرب الوسائل المؤثرة في العاطفة؛ فتبعث المتعة في نفس القارئ والسامع من أقرب طريق.
الموسيقا في الشعر نوعان (ظاهرة وداخلية):
الموسيقا الظاهرة، تقوم على:
حركة الوزن.
إيقاع القافية.
المحسنات اللفظية: "جناس ـــ تصريع ـــ حسن تقسيم".
يقول مطران:
متفرد بصبابتي متفرد بكآبـــــــتي متفرد بعنائي
فنجد في البيت حسن تقسيم، كما أن الكلمتين "صبابتي ـــ كآبتي" بينهما جناس ناقص، يعطي جرسًا موسيقيًّا.
ويقول شوقي:
اختلاف النهار والليل ينسـي *** اذكرا لـى الصبا وأيام أنسـى
في البيت تصريع، يعطي جرسًا موسيقيًّا جميلًا،
وأيضًا هناك جناس ناقص بين (ينسي/ أنسي).
شروط جودة القافية:
- أن تتفق مع موضوع القصيدة.
- أن تلائم الجو النفسي.
- ألَّا تكون متكلفة، وتتلاءم مع موسيقى الأبيات.
- ألا يكون قبلها كلمة أقوى منها أدت المعنى.
الموسيقا الداخلية "الخفية":
وتُسمى خفيَّة لأنها تشيع في كل النص، ولا يتحدد موضعها، فهي التي تدركها النفس وتؤثر فيها داخليًّا وهى تنبع من:
- إيحاء الألفاظ.
- ترابط الأفكار وترتيبها.
- روعة التصوير.
- العاطفة الصادقة.
الوحدة الفنية تتمثل في:
وَحْدَة الموضوع
وحدة الجو النفسي.
والمقصود بالوحدة الفنية:
أن تكون القصيدة بنية حيّة متكاملة، وليست قطعًا متناثرة يجمعها إطار واحد.
فيجب أن تتتابع الأفكار والصور، بحيث تؤدى كل فكرة أو صورة وظيفتها الحيوية في بناء التجربة، فتتم الصلة المعنوية بين أجزاء القصيدة، والتماسك بين أفكارها، بحيث يكون الانتقال من فكرة إلى أخرى نتيجة طبيعية لا فجائية؛ فيصعب عليك أن تحذف بيتًا، أو تغير مكانه من القصيدة؛ لأنها كالجسم الحَيِّ لا يجوز بتـر أحد أعضائه، أو نقله؛ ولذلك يعيب النقاد على الشعر القديم تعدد الأغراض في القصيدة الواحدة، وعدم ترتيب أفكارها، وتفكك أبياتها، وتناقض معانيها أحيانًا.
يقول شوقي في قصيدته "أبو الهول":
أبا الهول طالَ عليك العُصُر *** وبُلِّغت في الدَّهر أقصى العُمُر
تهزَّأت دهرًا بديك الصَّباح *** فنَقَّر عينيك فيما نقّر
فَعُدْت كأنك ذو المحبَسَين *** قطيع القيام، سليبَ البصر
كأنك فيها لواء القضاء *** على الأرض، أو ديْدَبان القَدَر
أبا الهول أنت نديم الزمان *** نَجِيُّ الأوانِ، سـَمير العُصُر
فلم تتم الوحدة الفنية لما يأتي:
1- معنى البيت الأول مكرر مع البيت الأخير.
2- هناك تناقض بين معنى البيت الثاني والرابع، فأبو الهول ضعيف يتهزأ بديك الصباح فينقر عينيه، ثم هو لواء القضاء وديدبان القدر، وذلك وصف له بالعظمة.
هناك تناقض بين معنى البيت الثالث والرابع، فهو (قطيع القيام سليب البصر) أي أنه أعمى وعاجز عن الحركة، ثم هو (ديدبان القدر) والحارس لا يكون أعمى ولا عاجزًا عن القيام.
وقد يُرد على ذلك بأنه لا تناقض،
فأبو الهول رمزُ للإنسان، فهو ضعيف وقوي، وبصير وأعمى، وحبيس وحارس في الوقت نفسه.
والمراد بـ"وحدة الجو النفسي":
الملاءمة بين الموقف الشعري والإيحاء النفسي الذي توحيه الألفاظ والصور والموسيقا، وقد سبق الحديث عن النقد الموجه لشوقي في وصف قصر "أنس الوجود" لأن تشبيهه بالعذارى السابحات لا يلائم الجو النفسي لمشهد الغرقى.
وليس معنى وحدة الجو النفسي ثبات الشاعر على إحساس واحد في كل القصيدة، فقد يعتريه حالات شعورية متفاوتة تجعله يفرح أو يغضب أو يتهلل، ثم ينقبض فيصدر عنه النغم المرح حينًا، والحزين حينًا آخر؛ ولكنه يكون مرتبطًا بحالته النفسية دائمًا كالقطعة الموسيقية تتفاوت أنغامها، وقد تتعدد آلاتها، ولكنها تظل مترابطة العناصر.
وتعد الوحدة العضوية من مظاهر التجديد في شعرنا العربي الحديث
تمسكت بها الرومانسية والمدرسة الواقعية الجديدة، وتؤكد هذه الوحدة الفنية على صدق تجربة الشاعر، وأخص سماتها أننا لا نستطيع أن نزيد أو ننقص شيئًا غير ما اختاره الشاعر.
بين الفكر والوجدان:
إذا كان السؤال عن الترابط بين الفكر والوجدان فإجابته واحدة، حتى وإن اختلفت صيغ السؤال.
فقد تأتي الصيغة (وضح الـتـرابط بين الفكر والشعور في الأبيات)، (الفكر والوجدان)، (مزج الشاعر بين عاطفته وفكره).
كل الصيغ السابقة للسؤل لها نفس الإجابة كالآتي:
الشعر الجيد هو ما امتزج فيه الفكر بالوجدان، والشاعر الجيد هو الذى يفكر بقلبه ويحس بعقله، وتسيطر على الشاعر في الأبيات عاطفة …… وقد عبر الشاعر عن عاطفته تعبيرًا جيدًا ومزجها بفكره؛ حيث يقول ......(شرح موجز للأبيات).
الترابط الفكري
إذا كان السؤال هكذا
في الأبيات ترابط فكرى وضح ذلك؟
أو جاءت الأفكار مترابطة في الأبيات. وضح؟
عند الإجابة: نتحدث عن الأفكار الجزئية التي اشتملت عليها الأبيات ونوضح ما بينهما من ترابط في العلاقة الفكرية، هل هي سبب، نتيجة، تعليل، توضيح؟
(موسيقى الشعر)
إذا كان السؤال هكذا
تعددت موسيقى الشعر في الأبيات، وضحها واذكر أثرها.
أوحدد الطابع المميز للموسيقى في الأبيات.
أو في الأبيات موسيقى ظاهرة وأخرى خفية، وضح مظاهر كل منهما.
عند الإجابة نقول:
الشعر هو لغة التعبير عن العاطفة، والموسيقا هي أقرب الوسائل المؤثرة في العاطفة؛ لأنها تبعث المتعة في نفس القارئ، وقد اعتمد الشاعر على نوعين من الموسيقا:
ظاهرة: وتتمثل في: الوزن، القافية، وبعض المحسنات اللفظية مثل: "وتذكر المحسنات اللفظية الموجودة في الأبيات".
خفية: وتتمثل في: الألفاظ التي جاءت نابعة من صدق العاطفة وترابط الأفكار وروعة الخيال وإيحاء الكلمات، مثل …….
(الوحدة العضوية/ الفنية)
إذا كان السؤال هكذا
هل تحققت الوحدة العضوية/ الفنية في الأبيات؟ ناقش.
اقرأ الأبيات جيدًا، وإذا كانت تدور حول موضوع واحد وجو نفسي واحد نقول: تحققت
الوحدة العضوية فيما يلي:
1) وحدة الموضوع: الموضوع واحد يدور حول …………..
2) الجو النفسي: فالعاطفة في الأبيات واحدة، وهي عاطفة ...........
3) ترابط الأفكار: فقد جاءت الأفكار مترابطة ومعبرة عن صدق الشاعر وأحاسيسه.
أمَّا إذا تعددت الموضوعات؛ نقول: لم تتحقق الوحدة العضوية؛ فقد تعددت الموضوعات في هذه الأبيات وفقدت الوحدة فيها.
(أثر العاطفة على الألفاظ)
ـ إذا كان السؤال هكذا تظهر عاطفة الشاعر من خلال ألفاظه. وضح واستدل.
عند الإجابة نقول: إن اللفظ وعاء العاطفة، والشاعر تسيطر عليه عاطفة ………. وقد اختار ألفاظًا توحى بقوة تلك العاطفة، مثل: ………. يوحى ……… وكلمة …………. توحى بـ ……………..
(القيمة الفنية لبعض الكلمات)
إذا سئلت: وضح القيمة الفنية لقوله
أو: ما الذى توحيه الكلمات "…/ ..."؟
عند الإجابة؟ تنظر إلى موضوع الكلمة وتشعر بما فيها من إيحاء قوى ثم نعبر عنه.
تلك مصر فكيف ينساك يا مصر
أينما كنت أنت كعبة آمالي *** فؤاد معلق الأوطار؟
ووقف عليك طول ادكارى
معلق: تدل على شدة حب الشعر لوطنه
كعبة آمالي:
توحى بقداسة مصر عند أبنائها. ادكاري: تدل على تذكر الشاعر لمصر دائمًا ... وهكذا.
رسم الشاعر لنا صورة كلية وضح عناصرها الرئيسية من الأبيات.
رسم الشاعر لنا في هذه الأبيات صور كلية عناصرها ..........، ......، ..... وأطرافها في: الصوت و نسمعه في ........، واللون نراه في ........، والحركة نحسها في
أثر الصورة الكلية: تعبر عن تجربة الشاعر الكاملة وتبرز الإطار الفني لها.
أثر الأساليب:
الأسلوب الخبري: ينقل الأفكار والمشاعر على أنها حقائق ثابتة لا تقبل الجدال.
الأسلوب الإنشائي: لإثارة الذهن والتشويق.
التنويع بين الخبر والإنشاء: لإثارة ذهن القارئ وطلبًا لمشاركته في الفكر والوجدان.