ضـــــــــــــــــــــــاد إيـــــــــــــــــــجـــــــــيdhaad-EGY

منصة ضاد إيجي يرحب بك ويقول لك المنتدي منتداك لأجلك انت فقط لا تترك المنتدي وترحل فبادر بالرد او اضافة موضوع اذا كان الموضوع الأصلي غير ملم او رابطه تالف لكي يعم النفع عليك وعلي غيرك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ضـــــــــــــــــــــــاد إيـــــــــــــــــــجـــــــــيdhaad-EGY

منصة ضاد إيجي يرحب بك ويقول لك المنتدي منتداك لأجلك انت فقط لا تترك المنتدي وترحل فبادر بالرد او اضافة موضوع اذا كان الموضوع الأصلي غير ملم او رابطه تالف لكي يعم النفع عليك وعلي غيرك

ضـــــــــــــــــــــــاد إيـــــــــــــــــــجـــــــــيdhaad-EGY

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ضـــــــــــــــــــــــاد إيـــــــــــــــــــجـــــــــيdhaad-EGY

منصة -تعليمية -تربوية -خاصة بفنون اللغة العربية أ- رمضان عبد اللطيف أبويوسف


    نص كفاح شعب مصر

    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 703
    نقاط : 1601
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 48

    نص كفاح شعب مصر  Empty نص كفاح شعب مصر

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الإثنين 11 مارس 2024, 10:55 pm

    قصة كفاح شعب مصر
    (1) الفصل السابع هزيمة وبعث جديد
    هزيمة ... وبعث جديد
    بدأت الثورة العرابية ، باجتماع ضباط الجيش في منزل «أحمد عرابي» وأقسموا على الجهاد لتحرير مصر مما لحق بها على يد الخديوي ، وجرت الأحداث سريعا ، وقام الجيش كله بعرض عام في ساحة عابدين في التاسع من سبتمبر عام ١٨٨١م، وفيه عرض عرابي طلبات الجيش والشعب ، فرد الخديوي قائلا : «لا حق لكم في هذه المطالب ، لقد ورثت هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم الا عبيد إحساننا».
    فرد عرابي رده التاريخي المعروف : لقد خلقنا الله أحرارا ، ولم يخلقنا تراثا أو عقارا ، والله الذي لا إله غيره، إننا سوف لا نورث ولا نستعبد بعد اليوم .
    اتفق الخديوي مع الإنجليز على أن يروا أمرا لدخول مصر ، وتعهد لهم أن يساعدهم ، تعهدوا له أن يحموا عرشه ، وسافر الخديوي إلى قصر رأس التين ، ليكون في حماية الأسطول الإنجليزي الذي دخل ميناء الإسكندرية، وقامت الفتن في البلاد ، وضرب الأسطول الإنجليزي في الإسكندرية ، واضطر عرابي إلى الدخول في الحرب ضد الإنجليز الذين انحاز إليهم الخديوي.
    ووقف الشعب المصري بكل ما يملك بجانب الجيش وقائده العظيم "عرابي" ، ووقعت النكسة الكبرى بوصول الجيش الإنجليزي إلى القاهرة عن طريق العباسية ثم القلعة التي سلمها لهم خنفس قائد حاميتها .
    لقد جهل الإنجليز الحقيقة الواضحة التي سجلها « ماسبيرو» المؤرخ الكبير قائلا :
    "إن هذه الأمة المصرية العتيقة (الاصيله)، دون سائر الأمم والشعوب ، تدل طبائع أبنائها (اخلاقهم)، كما تدل آثارها على البقاء والخلود ، فكم من مرة اجتاحها الغاصبون الأقوياء (المحتلون)، وظنوا أنهم حولوا أرضها رمادا تذروه الرياح ، وظنوا أنهم قلبوا مدنها وقراها أنقاضا (بقايا الهدم) فوق سكانها ، فإذا بأولئك السكان ينفضون عنهم ما ظنه الغاصبون فناء (الصمت)، ويبعثون من تحت الأنقاض ليعيدوا البناء والكفاح من جديد".
    لقد جهل الإنجليز هذه الحقيقة التاريخية وسخروا بها ، حتى لاح بين هذا الظلام نجم جديد ، يدعو لبعث حديد .
    وأي نجم غير مصطفى كامل ؟ هذا الشاب الذي صمم على أن يجعل حياته كلها جهادا في سبيل بلاده ، وأن يكون المحامي الأول عن قضية وطنه العزيز .
    لقد رأي مصطفى كامل أن يبدأ جهاده بوسيلتين: الأولى تقوم على بعث الحركة الوطنية في الداخل ، لتوحيد الجهود ضد المستعمرين ، ومحاربة استسلام الوزراء والحكام وكبار الموظفين
    المصريين لسلطات الاحتلال ، والوسيلة الثانية الدعاية للقضية المصرية في أوربة حتى يفهم العالم كله أن في مصر شعبا حرا صمم على أن يسترد حريته واستقلاله .
    وكان بجانب هاتين الوسيلتين يبث في الشعب المصري الوطنية الصادقة الصحيحة والشهامة والشجاعة والإقدام ويدعوه إلى حب المجد والرفعة ومسابقة الأمم في مضمار التقدم والرقي ، لأنه كان يرى أنه إذا تمكنت هذه المشاعر وتلك الصفات من كل مصري ، ظهرت معالم الهمة والإقدام والتضامن بين مختلف الطبقات والهيئات ، واتحدت الأمة المصرية في أهدافها وغاياتها ، وقضت على دعاة التفريق، والخصام، وأصبحت أمام المستعمر كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
    بدأ مصطفى كامل يتصل بالصحف المصرية. ينشر فيها المقالات الوطنية. ليلهب حماسة الشعب ويحرك غيرته ويثير وطنيته . وكان يخطب في الأندية يحث مواطنيه على الكفاح والجهاد وما ترك مناسبة إلا وقف يطعن في سياسة بريطانيا ، داعيا أمته إلى التمسك بحريتها وحقوقها كاملة .
    ولينشر دعوته الوطنية في نفوس الشعب أصدر صحيفة اللواء التي أصبحت شبه مدرسة تعلم المصرين حقوقهم وواجباتهم ، وكان يهتم فيها ببعث الروح الوطنية واتحاد عنصري الأمة، وكشف مساوئ الاحتلال والاستعمار ومحاربة اليأس والاستسلام، والدعوة إلى التمسك بحقوق البلاد . وكان شعاره في ذلك : « إن من يتسامح في حقوق بلاده ، ولو مرة واحدة ، يبقى أبد الدهر مزعزع العقيدة » .
    ولم يقتصر مصطفى كامل على نشر دعوته في مصر، بل رأي بحكمته أن أقوى سلاح في جهاده هو الدعاية للقضة المصرية في أوربة فذهب إلى فرنسا ، وهناك أخرج نداء: في صورة رمزية تمثل مصر تحت قيود الاحتلال البريطاني ، وهي تستغيث بأحرار فرنسا ، ليساعدوها على تحريرها واستقلالها .
    طبع مصطفى كامل من هذا النداء مئات الآلاف من النسخ ووزعها على النواب والكتاب والمفكرين والصحفيين في نواحي فرنسا وفي أرجاء العالم كله ، فكان لهذا العمل أثر كبير في تنبيه أذهان أوربة، إلى عدالة القضية المصرية وحق المصرين في الحياة الحرة الكريمة .
    وبينما كان مصطفى كامل يدعو للقضية الوطنية في فرنسا وقعت في مصر حادثة دنشواي. لقد كان بعض الضباط البريطانيين يصطادون الحمام بالقرب من بلدة دنشواي بالمنوفية ، فأصابت رصاصة أحدهم فلاحة مصرية، واشتعلت النار في أجران القمح ، فطارد أهل دنشواي الضباط الإنجليز في بلدتهم فولوا هاربين. وفي الطريق الزراعي تعرض أحد هؤلاء الضباط لأشعة الشمس المحرقة ، فأصابته ضربة الشمس فمات .
    عندئذ ثارت ثائرة الإنجليز وشكلت محكمة عسكرية ، وبعد محاكمات وهمية لا عدل فيها ولا منطق حكمت بإعدام أربعة من الأهالي شنقا وبالسجن والجلد على آخرين .
    وفي مكان الحادث نصبت المشانق ، وجيء بآلات الجلد والتعذيب ، ونفذت الأحكام أمام أقارب المحكوم عليهم في عنف زائد وقسوة بالغة .
    وعندما علم مصطفى كامل وهو في باريس بهذا الحادث الأليم، استغل الحادث ونهض على الرغم من مرضه يبين للعالم كله ظلم الاحتلال والاستعمار وتتابعت مقالاته في الصحف قائلا : «جئت اليوم أسأل الأمة الإنجليزية نفسها والعالم المتمدين : هل يجوز إغفال مبادئ العدل والإنسانية إلى هذا الحد ؟
    جئت أسأل الإنجليز الغيرة على سمعة بلادهم وكرامتها ، وأن يقولوا لنا إذا كانوا يرون بسط النفوذ الأدبي والمادي لإنجلترا على مصر بالظلم وصنوف الهمجية .
    جئت أسأل الذين يجاهرون في كل آن بحق الإنسانية، مالئين الدنيا بعبارات السخط ، إذا حدثت فظائع في بلاد أخرى دون فظيعة دنشواي ألف مرة أن يثبتوا صدقهم وإخلاصهم بالاحتجاج بكل قوة وشدة على هذا العمل المنكر الذي يدين إلى الأبد تلك المدنية الأوروبية في أعين العالم كافة .
    جئت أسأل الأمة الإنجليزية إذا كان يليق بها أن تترك الممثلين لها في مصر يعمدون بعد احتلال دام أربعة وعشرين عاما إلى قوانين استثنائية ووسائل همجية بل ، وأكثر من همجية - ليحكموا مصر ويعلموا المصريين ماهية كرامة الإنسان »
    ثم استطرد يقول : يحق للمصريين أن يطلبوا تحققا دقيقا كاملا في المسألة ، وإن مصر على بعد يومين من أوربة. فليأت إليها الإنجليز المحبون للعدل والراغبون في إعلاء الشرف البريطاني ، وليذهبوا إلى المدائن والقرى وليروا بأعينهم ، أن الشعب المصري ليس متعصبا أبدا ، ولكنه شعب كريم أبي ينشد العدل والمساواة ويطلب أن يعامل كشعب حر لا كقطيع من الأغنام. وأنه يعمل بكل عزيز لديه لتحقيق هذا المطلب الأسمى مطلب الحرية والاستقلال .
    أجل، إن الشعب المصري شاعر الآن بكرامته ، وذلك أمر لا يمكن إنكاره بأية حال ، إنه يطلب معاملة أبنائه أسوة بالأجانب ، وهو طلب عدل وغير مبالغ فيه أيضا .
    إننا نطالب بالعدل والمساواة والحرية نطلب دستورا ينقذنا من السلطة المطلقة، ولا شك أنه لا يمكن للعالم المتمدين وللرجال المحبين للحرية والعدل في إنجلترا إلا أن يكونوا معنا ويطلبوا مثلنا ألا تكون مصر - تلك التي وهبت للعالم أجمل وأرقى مدنية - أرضا تمرح الهمجية فيها ، بل بلادا تستطيع المدنية والعدالة أن تبلغا فيها من الخصب والنماء مبلغ خصب أرضها المباركة» .
    ودوّت المقالة في أوربة دويا عظيما . وتناقلتها الصحف في مختلف أرجاء العالم بالتعليق النزيه وكان لبلاغتها وعبارتها القوية المؤثرة ، الصادرة من زعيم الحركة الوطنية تأثير كبير في الرأي العام الأوربي ، الأمر الذي جعل صحيفة « التربيون الإنجليزية» تنادي بوجوب منح مصر استقلالها الذاتي.
    وكتبت مجلة «المجلات» الإنجليزية مقالة تذكر الإنجليز فيها بوعودهم بالجلاء عن مصر . وأخدت الصحف العالمية الأخرى تنشر المقالات الطويلة عن مصر ومكانتها في المجتمع الدولي .
    وكان لهذه المقالة صدى في البرلمان البريطاني ، إذ قام بعض الثواب الأحرار يلقون على اللورد كرومر تبعة حادثة دنشواي ويستنكرون فعلته .
    وتوجه مصطفى كامل بعد ذلك إلى لندن نفسها، وراح يواصل جهاده هناك رافعا صوت مصر عاليا ، شارحا لرجال السياسة وقادة الفكر وجهة النظر المصرية في منطق سليم وحجة قوية .
    وأدركت الحكومة البريطانية أن سياستها في مصر تحتاج إلى تبديل وتعديل، وألقيت مسئولية حادثة دنشواي على شخصيه اللورد كرومر، ورأت بريطانيا إقصاءه عن منصبه إنقاذا لسمعتها أمام العالم المتمدين وتخفيفا لهياج الشعور الوطني في مصر .
    وكان استعفاء اللورد كرومر انتصارا كبيرا للحركة الوطنية ، فقد تولى منصبه في مصر مدة أربعة وعشرين عاما كان في خلالها الحاكم المطلق لمصر ، فلا شك أن إقصاءه عن السلطة بعد المدة الطويلة هو اعتراف بقوة الحركة الوطنية .
    وقف «محمد فريد» في أوربة راسخا كالجبال ، ينفق من ذات يده قبل أن يخطب أو يكتب ، كان يطير إلى المؤتمرات الأوربية لا يفوته منها مؤتمر ، ولا يترك منها اجتماعا ، رافعا صوت مصر ، ومناديا باستقلالها ، يعينه ماله ، وتسعفه ثروته، دون أن يطلب من قومه عونا .
    وظل يدعو لاستقلال بلاده ، ويثير في قومه الحماسة والوطنية حتى نفدت أمواله وعاش في أواخر أيامه مريضا فقيرا ثم أسلم الروح بعيدا عن دياره .
    وكان لجهاد هذين الزعيمين : مصطفى كامل ، ومحمد فريد أثر كبير في ازدياد الوعي القومي ، حتى أصبح الشعب دائم المطالبة بحقوقه ، وعلى استعداد لمقاومة الاحتلال وبذل التضحيات ، عند سنوح أية فرصة . وقد سنحت تلك الفرصة في ثورة 1919 م.






































    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 703
    نقاط : 1601
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 48

    نص كفاح شعب مصر  Empty رد: نص كفاح شعب مصر

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الإثنين 11 مارس 2024, 10:56 pm

    2) الفصل الثامن سعد زغلول وثورة 1919م
    ص الفصل الثامن - سعد زغلول وثورة 1919 م
    في ١٣ من نوفمبر سنة ١٩١٩ ، ذهب سعد زغلول مع زميليه : عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي ، إلى دار المندوب السامي البريطاني وعرضوا عليه مطالب البلاد في الحرية والاستقلال .
    لم يظفر هؤلاء الزعماء الثلاثة من المندوب البريطاني بجواب يحقق آمالهم، وأدرك سعد من مناقشة المندوب إياهم أن بريطانيا لا ترغب في الوفاء بوعودها السابقة التي قطعتها على نفسها بالجلاء والاعتراف باستقلال مصر ، فعزم سعد على أن يرفع راية الجهاد ويطالب باستقلال البلاد .
    وكان أول ما وجه اهتمامه إليه هو وقوف الأمة صفا واحدا متماسكا أمام الإنجليز ، ليقطع أملهم في التفريق بين عنصري الأمة ، وقد لبى الشعب المصري بجميع طوائفه وأديانه النداء حتى تبادل رجال الدين الزيارة والخطبة في المساجد والكنائس وأصبح الشعب كتلة واحدة متراصة، لا يستطع المحتل أن ينفذ بين صفوفها .
    ورأي الإنجليز خطر هذه الحركة ، فعزموا على إخمادها ، قبل أن يزداد الأمر سوءا فألقوا القبض على «سعد زغلول» وثلاثة من المجاهدين معه، وأرسلوا إلى المنفى في جزيرة مالطة .
    كان نفي «سعد» وصحبه يا ولدي كالشرارة ألهبت النفوس الغاضبة ، وأطلقت الثورة الكامنة في الصدور، فانطلقت المظاهرات في العاصمة والأقاليم وحدثت المصادمات بين المصريين والجنود الإنجليز، وانتشرت في الأقاليم فكرة قطع المواصلات، فقطع الثوار خطط السكك الحديدية وجميع طرق المواصلات .
    واشتركت السيدات والفتيات المصريات في الحركة الوطنية ، ونظمن مظاهرات جريئة وعرضن أنفسهن لرصاص المدافع والسجن والتشريد .
    وفشلت بريطانيا في إخماد الشعور الوطني ووجدت أن سياسة الحديد والنار والقسوة والعنف لم تجد على الإطلاق ، ولم تغير من سياسة المصريين ، وقررت الإفراج عن سعد وصحبه .
    وما أن تم الإفراج عن سعد وزملائه ، حتى انطلقوا إلى باريس ، لعرض قضية بلادهم على مؤتمر الصلح . إلا أن الدول الكبرى ناصرت حليفتها بريطانيا وأغمضت العين وأبت أن تقول كلمة حق .
    ورأت بريطانيا أن تعمل على تهدئة الأمور فقررت إرسال لجنة برياسة اللورد «ملنر» للتحقيق في أسباب الثورة ومحاولة الوصول إلى حل لا يتعارض مع مصالحها ، ولكن الحكومة البريطانية أعلنت في الوقت نفسه أنها متمسكة بالحماية ، وأن مهمة اللجنة توسيع نطاق الحكم الذاتي وحماية المصالح البريطانية.
    فثار الشعب ضد هذه اللجنة وقاطعها ، ولم تجد اللجنة من تفاوضه ، وعادت من حيث أتت ، بعد أن عاشت في مصر ثلاثة شهور ، لمست فيها قوة الشعور الوطني.
    وحاولت هذه اللجنة بعد عودتها إلى لندن أن تتفق مع سعد وصحبه ، ولكن انتهت المفاوضات بالفشل لأن مشروع «ملنر» كما وصفه سعد كان حماية مقنعة .
    تجددت المظاهرات الوطنية ، واشتد عدوان الجنود البريطانيين على المتظاهرين.
    لقد اقتحموا الجامع الأزهر برصاصهم ، وفتكوا بعدد كبير من المواطنين في الأحياء المختلفة ، وقرروا نفي سعد وصحبه إلى جزيرة سيشل في المحيط الهندي ، ولكن نفي هؤلاء الزعماء لم يضعف حركة المقاومة ، بل قام غيرهم بتنظيم المظاهرات ، والاحتجاجات ومقاطعة البضائع الإنجليزية، وأضرب السياسيون عن تشكيل الوزارة وتكونت الجمعيات السرية المسلحة .
    أمام هذا الشعب الثائر ، اضطرت بريطانيا إلى أن تعلن إلغاء الحماية البريطانية عن مصر ، وأن مصر دولة مستقلة ذات سيادة ، ولكنها احتفظت بأربع نقاط هي : تأمين مواصلات الإمبراطورية البريطانية ، والدفاع عن مصر ضد أي تدخل أجنبي ، وحماية الأقليات ، وأن تعالج مسألة السودان في مفاوضات تالية بين البلدين .
    ** فاضطرت بريطانيا إلى إلغاء الحماية على مصر متمسكة بأربع نقاط وهى :
    1 ـ تأمين مواصلات بريطانيا 2 ـ الدفاع عن مصر ضد أى تدخل أجنبي
    3 ـ حماية الأقليات 4 ـ معالجة مسألة السودان في مفاوضات تالية .
    س & ج :-
    س1: لماذا ذهب سعد زغلول وزملائه إلى المندوب السامي البريطاني ؟ وما نتيجة ذلك ؟
    في 13 من نوفمبر عام 1918م ذهب سعد زغلول إلى دار المندوب السامي البريطاني مع زميليه عبدالعزيز فهمي وعلي شعراوي ليعرضوا عليه مطالب البلاد في الحرية والاستقلال ، ولكنه لم يحصل على جواب يحقق آمالهم وأدرك أنَّ بريطانيا لا ترغب في الوفاء بوعدها بالجلاء واستقلال مصر .
    س2: كيف حاول الإنجليز إخماد حركة سعد زغلول ؟ وما أثر ذلك في نفوس المصريين ؟
    ألقوا القبض على سعد زغلول وثلاثة من زملائه وأُرسلوا إلى المنفى في جزيرة مالطة . وكان نفيه كالشرارة ألهبت نفوس المصريين وقامت الثورة والمظاهرات وقطع الثوار خطوط المواصلات وقامت مظاهرة للسيدات وعرضن أنفسهن لرصاص المدافع والسجن والتشريد .
    س3: ما نتيجة الثورة والمظاهرات ؟ ماذا تعرف عن لجنة ملنر وما أثرها ؟
    فشلت بريطانيا في إخماد الثورة وتم الإفراج عن سعد وزملائه وانطلقوا إلى باريس لعرض قضيتهم على مؤتمر الصلح ، رأت بريطانيا إرسال لجنة برئاسة اللورد ملنر لتحقيق أسباب الثورة ومحاولة الوصول إلى حل لا يتعارض مع مصالحها مع إعلان الحماية البريطانية وتوسيع نطاق الحكم الذاتي ، فثار الشعب ضد اللجنة وقاطعتها ولم تجد اللجنة من تفاوضه وعادت من حيث أتت بعد ثلاثة أشهر وحاولت المفاوضة مع سعد في لندن ولكنهم فشلوا .
    س4: ماذا حدث بعد فشل لجنة ملنر وثورة الشعب ؟
    1ـ تجددت المظاهرات 2ـ اشتد عدوان الإنجليز واقتحموا الأزهر 3ـ قرروا نفي سعد وصحبه إلى جزيرة " سيشل " في المحيط الهندي 4ـ قامت المظاهرات وقوطعت البضائع الإنجليزية 5ـ وأضرب السياسيون عن تشكيل الوزارة 6ـ وتكونت الجمعيات السرية المسلحة .
    س5: ما التحفظات الأربعة التي أعلنتها بريطانيا بعد إلغاء الحماية وإعلان استقلال مصر ؟
    1ـ تامين مواصلات الإمبراطورية البريطانية 2ـ الدفاع عن مصر ضد أي تدخل أجنبي
    3ـ حماية الأقليات 4ـ أن تعالج مسألة السودان في مفاوضات تالية بين البلدين .

    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 703
    نقاط : 1601
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 48

    نص كفاح شعب مصر  Empty رد: نص كفاح شعب مصر

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الإثنين 11 مارس 2024, 10:57 pm

    نص الفصل التاسع - أما لهذا الليل من فجر ؟
    ألغيت الحماية ، واعترفت بريطانيا لمصر بسيادتها واستقلالها ، ولكن بلادنا لم تستمتع بهذا الاستقلال، إلا بمظهره الخارجي ، لأن الحكومة البريطانية ظلت متمسكة بالتحفظات الأربعة ، وجعلت منها حجة للتدخل في شئوننا الداخلية بين حين وآخر .
    وابتليت مصر بانحراف الأحزاب التي طغت على زعمائها وقادتها ورجالها الأهواء والمطامع الشخصية . فأصبح هم كل حزب أن يحطم الحزب الآخر ، أو أن يصل إلى مقاعد الحكم، مهما كانت الغاية والوسيلة .
    لقد انحرفت الأحزاب وحلت بذلك المصيبة الكبرى والنكسة العظمى إذ أصبحت مصالح البلاد العليا موضع ممارسة ، فما يرفضه حزب من الأحزاب يقبله الحزب الآخر ويؤيده ، ولهذا كان طلاب الجاه المزيف والمتكالبون على مقاعد الحكم يخضعون لرغبات المستعمر البريطاني .
    وراحت الأحزاب تتصارع من أجل الوصول إلى مقاعد الحكم . دون اهتمام بأهداف الشعب وغاياته، ومن غير مراعاة لمصلحة الوطن العليا .
    لقد فسدت أداة الحكم واتخذ البعض من مناصبهم أو قرابتهم لأولى الأمر ، وسيلة للثراء بطريق غير مشروع كالرشوة والإتجار في الممنوعات .
    وضعفت في الوقت نفسه رقابة البرلمان على أعمال الحكومات ، حتى أصبح دستور البلاد في مهب الأهواء والأغراض .
    في وسط هذه الحياة الفاسدة دخل الجيش المصري مع بقية الجيوش العربية أرض فلسطين ، لتخليصها من عصابات اليهود .
    لقد أبدى الجيش المصري في بداية الأمر نشاطا ملحوظا وجهودا موفقة ، حتى هزم اليهود في عدة مواقع ، ودك الكثير من حصونهم وقلاعهم . ولكن حدث مالم يكن في الحسبان ، إذ انتهز المقربون إلى الملك الفرصة للإثراء على حساب أرواح الضحايا فاحتكروا توريد الأسلحة للجيش ، وقدموا له أسلحة فاسدة .
    ومع هذه الظروف العصيبة وقف جنود مصر وقفة مشرفة ، وقفوا يدافعـون لا بأسلحتهم الفاسدة ، بل وقفوا يجاهدون بصبرهم وعزيمتهم ، ويناضلون بإيمانهم وإرادتهم. لقد صمدوا صمود الجبابرة . وما صمود حامية الفالوجا في فلسطين إلا صورة من شجاعة الجندي المصري . وصبره وإيمانه بنفسه .
    لقد هجم اليهود على حامية الفالوجا بجيش كبير عدده أحد عشر ألفا زودوا بأحدث الأسلحة ، تؤيدهم الدبابات في الأرض والطائرات في السماء . وبدأ الغادرون يسددون إلى هذه الحامية نارا موقدة ، وقفوا ينتظرون تسليم الحامية بين لحظة وأخرى ، ولكن خاب أملهم ، كانوا كمن يحاول أن يقبض على الهواء أو يكتب على صفحات الماء ، لقد وقفت هذه الحامية تدافع عن شرف مصر ... وقفت تدافع بإيمانها وروحها وشجاعتها وصبرها ... وليس لديها إلا أسلحة يندى لها الجبين خجلا .
    أما هذا الفساد في الداخل والأحداث المتعاقبة في الخارج ، فقد خيل لليهود معها يا ولدي أن أقدامهم في الشرق قد ثبتت ، وخيل للمستعمر أن شعلة الحرية والمجد في البلاد قد انطفأت . وكان الشعب في أعماق نفسه يهتف قائلا : أما لهذا الظلم من آخر .. ؟ أما لهذا الليل من فجر ؟ لقد نسي اليهود والملك والمستعمر أن تحت الرماد وميض نار ، يوشك أن يشتعل .
    كان الأحرار من الضباط ثائرين من أجل ذلك كله . كانوا يبحثون ويعملون في كتمان شديد .
    كانوا يرقبون الفرصة ليضربوا الضربة الصحيحة التي لا يعتريها خلل أو خطأ في الوقت المناسب .
    وأخيرا خرج العملاق من سجنه وخرجت ثورة ٢٣ يوليو سنة ١٩٥٢ من مكمنها لتعلن حق الشعب في حريته وحق الشعب في وطنه ، وحقه في حياة حرة كريمة ، وحقه في أن يأخذ مكانه تحت الشمس ، وفي ركب الحضارة والتقدم.

    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 703
    نقاط : 1601
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 48

    نص كفاح شعب مصر  Empty رد: نص كفاح شعب مصر

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الإثنين 11 مارس 2024, 10:59 pm

    (4) الفصل العاشر يوم جلاء الإنجليز عن مصر

    جاءت ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وقد عزمت على أن تتخلص من كل دخيل مستعمر. . . جاءت تقول : والله ما دون الجلاء ويومه *** يوم تسميه الكنانة عيدا
    أمام هذا الفجر الجديد وهذا التطور الحميد ، وأمام هذه الإرادة القوية والإصرار الأكيد، وأمام هذا التضامن الشعبي الذي لا مثيل له ، لم تجد بريطانيا مفرا من أن تعقد مع مصر معاهدة الجلاء ، لترحل عن البلاد لأول مرة بعد اثنين وسبعين عاما قضتها في تدخل معيب في شئون البلاد ، وتم ذلك في يوم مبارك هو ١٩ من أكتوبر ١٩٥٤ .
    ووقف زعيم الثورة يخطب قائلا :
    «إنني أسرح بخواطري في هذه اللحظة (الجلاء) المجيدة عبر أسوار الحياة . إلى الذين جاهدوا من أجل هذا اليوم ، ولم يمتد العمر بهم ليعيشوه ... إنني أتجه بقلب شعب ، وأتجه بوفاء جيل إلى الزعماء الذين كافحوا إلى أحمد عرابي ، ومصطفى كامل ، ومحمد فريد ، وسعد زغلول ، وإلى الشباب الذين باعوا أرواحهم للفداء، وعلى كل بقعة من ثرى الوطن، أتجه إليهم وأقول لهم سوف نمضي على الطريق ،لن نضعف ولن نخذل ، ولن ننسى الأمانة التي حملناها، ولا الواجب الوطني الذي عاهدنا الله عليه .
    ورحلت بريطانيا عن أرض الوطن ، فإذا فجر جديد وبعث جديد يتجه بنا نحو مستقبل باهر مجيد .


    وانطلقت الثورة بعد ذلك في طريق الإصلاح... طريق البناء والتعمير ، وانطلقت تشيد دعائم القوة والعظمة والرفاهية ، معلنة أن الصناعات الثقيلة دعامة قوية من هذه الدعائم ، وسبيلنا إلى ذلك قوة كهربية محركة تتولد من مياه السد العالي المتدفقة ، وحديد راقد في أرض مصر منذ القدم.
    اندفعت الثورة إلى إطلاق هذه القوى النافعة من مكمنها ، بعد أن ظلت حبيسة في مواضعها عشرات السنين .
    جاءت الثورة وهي تؤمن أن الحرية في أمة فقيرة تستجدى أقواتها من غيرها، وتعيش عبئا على سواها ، ولا يجد أبناؤها ما يمسك الرمق وما يستر العورة. هي حرية كاذبة تفر من الشعب عند الشدة . أما الحرية التي تحميها المزارع والمصانع فهي حرية مصونة الجانب : يرهبها الأعداء ، ويحرص على صداقتها الأصدقاء.
    وسار موكب البنا، والتعمير نحو أهدافه بخطوات واسعة سريعة . وتحقق مشروع السد العالي ، هذا المشروع الخطير ، فكان في تحقيقها له نفع عظيم ، يشمل الجمهورية في كيانها العام، والفرد في مستوى معيشته . لقد كان المشروع انقلابا شاملا، يحقق الرفاهية للأفراد والجماعات ويدفع الأمة كلها إلى اللحاق بموكب الدول الصناعية الكبرى .
    وسار مع هذا الانقلاب الصناعي انقلاب زراعي ، يشمل كل أرجاء . الوطن العزيز ، تنتزع به من صحارينا وأراضينا الجرداء مليونين من الأفدنة ، ويحولها هذا السد إلى أرض زراعية خصبة تنتج من الغلات أوفرها ومن الثمرات أطيبها.
    هذا مع ضمان زراعة سبعمائة ألف فدان من الأرز كل عام، مهما انخفض إيراد ماء النهر ، الأمر الذي يجعلنا من أكبر الدول المصدرة للأرز ، وبهذا لا تعتمد بلادنا على القطن وحده .

    وها هو ذا موكب البناء والتعمير يسير نحو غاياته، ليشيد دعائم نهضة شاملة ، تحقق للوطن العربي العزة والرفعة والرفاهية




    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 703
    نقاط : 1601
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 48

    نص كفاح شعب مصر  Empty رد: نص كفاح شعب مصر

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الإثنين 11 مارس 2024, 11:00 pm

    (5) الفصل الحادي عشر مصر والعدوان الثلاثي


    ص الفصل الحادي عشر - شعب مصر والعدوان الثلاثي:
    أممت مصر شركة قناة السويس فكان ذلك حدثا عظيما وعيدا مجيدا فإذا البهجة في كل مكان ، والفرحة على كل لسان ، وإذا الابتسامة تغمر كل وجه، وإذا النشوة تملأ كل قلب .
    لقد عمت الفرحة الكبرى أرجاء البلاد ... وكيف لا تعم ، وقناة السويس قد ردت إلينا ، بعد غياب طويل ويأس مرير ؟ وجهاد شاق طويل؟
    أما في أوربة فكان الحال على نقيض ذلك ، فقد خيم الحزن على كل ركن ، وغابت الابتسامة عن كل وجه ، فكان في كل صدر زفرات حزن دفين .
    واجتمع رجال السياسة في أوربة للتفكير في هذا الحدث الخطير ، وللتآمر على مصر لإعادة قناة السويس إليهم كما كانت .
    حاول الاستعمار بطرقه الملتوية المختلفة أن يقيم الدنيا ويقعدها ، ويثير العالم كله ضدنا ، ولكن منطق مصر كان أقوى من سلطان المستعمر ودهائه ودسائسه .
    ولما فشل المستعمر أمام الحق والعدل لجأ إلى منطق الحديد والنار ، فـإذا ثلاث دول تغزو بأساطيلها ومدمراتها وطائراتها وغواصاتها مصرنا الحبيبة ، وقدروا لهذا الغزو ستة أيام يقبضون بعدها على زمام الأمور ، ويعيدون بعدها القناة إلى حظيرتهم كما كانت أول مرة .
    ولكن أبناء هذا الشعب ، وقفوا يستقبلون هذا العدوان في صبر وعزيمة وإيمان.
    أقبلت كتائب « الشياطين الحمر » كما كانوا يسمونها تهبط بمظلاتها من الطائرات ... فإذا أبناء مصر جنودا وشعبا ، صغارا وكبارا ، نساء ورجالا ، يستقبلون هؤلاء الغادرين ببنادقهم ومدافعهم الرشاشة ، لا يهابون ولا يخافون شيئا ، وإذا جنود الدول العظمى تلقى مصرعها قبل أن تنزل إلى أرض الوطن لا بيد المدربين فقط ، بل بيد الشعب الذائد عن وطنه ، والمتحمس لشرفه وكرامته أيضا .
    لقد انتصر هذا الشعب ؛ لأن الشجاعة تملأ نفسه. والإيمان يملأ قلبه ، والعزيمة تملأ صدره . وهناك شيء آخر سرى في دمه عبر الأجيال والقرون التي مضت هذا الشيء هو سر البقاء والخلود .
    سرى هذا السر في دم الشاويش محمد . وسرى في قلب فتيات مكتب بورسعيد ، سرى في أعصاب الضابط البحري جلال الدسوقي . وسرى في عقل الطالب الجامعي جواد حسني .
    وسرى هذا السر في دم كل فتى وكل فتاة ، فكتب لمصر في بورسعيد النصر والخلود .
    كان « الشاويش محمد» فلاحا طويل القامة ، أسمر اللون ، صعيدي المنشأ وعندما جاء العدوان الثلاثي الغادر كان في إجازة بين أهله وقومه وما إن سمع بهذا العدوان ، حتى قطع إجازته وذهب مسرعا إلى فصيلته في قطاع فلسطين ليؤدي واجبه .
    وبالقرب من موقع القتال عرف أن قوته التي يعمل معها اشتبكت فعلا مع اليهود ، فراح يبحث عن سيارة تحمله إلى موقع فرقته .
    وعثر على سيارة كانت ذاهبة إلى «القصيمة» فقفز إليها بسرعة ، وانطلقت به.
    وفي أبي عجيلة أوقف البوليس الحربي السيارة ، ومنعها من التقدم ، لأن الضرب على أشده في « القصيمة ».
    ولم ينتظر الشاويش محمد، بل قفز من السيارة ليذهب إلى خط النار.
    ووصل إلى الموقع ، وكان جنوده في انتظاره ، وفي انتظار توجيهاته وتعليماته وآرائه .
    وألقى بملابسه وارتدى ملابس الميدان .. وكانت التبة « ١٨٣ » تعيش تحت وابل من طلقات مدافع العدو ... مدافع الأرض .. ومدافع السماء فإن الطائرات المحلقة لم تكن ترحمهم من قنابلها ولا من منشوراتها.
    كانت الطائرات اليهودية تلقي عليهم منشورات مستمرة تطالبهم بالتسليم والاستسلام والكف عن القتال : وأصدر الشاويش محمد أمره إلى جنوده بعدم قراءة أي منشور .
    وبدأ ميكروفون الطائرة يذيع على القوات المصرية في الموقع شروط التسليم. ولم تهتز شعرة في رأس محمد .
    كان يروح ويغدو بين جنوده يبث فيهم من روحه وثباته وجرأته... وكان يساعدهم على اختيار الأماكن المناسبة .
    وثبت الموقع المصري أمام مدافع اليهود وقذائفهم ، وأحس الشاويش محمد أنها ليله من ليالي العمر وطاف بجنوده يسألهم عن أحوالهم .
    وكان يتلمس شيئا يبعث فيهم الأمل .. وجاءت النجدة من السماء .
    حلقت قاذفه قنابل فوقهم ... واقتربت منهم ، وأطلق عليها الجندي صالح.. مدفعه البلانسيت ... وكان يعرف أنه مدفع مضاد للدبابات... ولكنه عرف أيضا أنه من الممكن استخدامه ضد الطائرات عندما تقترب منه .
    سقطت قاذفة القنابل . وهنف الجنود جميعا : « الله أكبر »
    لقد هبط عليهم من السماء أمل يعيشون عليه حتى الصباح ، وكانت ليلة حالكة السواد .
    لم تكف المدفعية لحظة واحدة ... وبقى كل جندي في مكانه ، أما الشاويش محمد فكان في كل مكان ، وانتصف الليل ، ولاحت عن بعد سيارات العدو المصفحة في طريقها إلى الموقع ، وأصدر الشاويش محمد أوامره بعدم الحركة والثبات والكف عن إطلاق النيران .
    وتقدمت المصفحات... ووصلت إلى بعد أمتار من التبة وتخطت مصفحتان منها الأسلاك الشائكة .
    وفجأة أصدر الشاويش محمد أمره بالضرب ، وانطلقت كل مدافع الموقع صوب مصفحات العدو واشتعلت النيران في سيارتين منها وانسحبت بقيتها وشددت مدفعية العدو الضرب .
    واستمرت المعركة ساعة كاملة . ثم بدأت تخف حدتها . وعاد الشاويش محمد يطوف بجنوده يشد على أيديهم ويقوي من عزائمهم ... وفجأة بـدا موكب جديد من مصفحات العدو .. كان حشدا أكبر من الأول .
    وفعل بهم هذه المرة كما فعل في المرة الأولى ، واستمر الاشتباك أكثر من ساعتين .. ثم بدأ العدو ينسحب مرة أخرى تاركا جرحاه ومصفحاته.
    وعادت الطائرات بأصواتها وقذائفها . ومع الفجر بدأت معركة جديدة ، لم تنته إلا بعد السابعة صباحا .
    وبدأت خسائر العدو تلوح أمام جنودنا الشبان ، وتملأ أرواحهم بالعزيمة والصبر والإيمان .
    وعلى ضوء النهار أخذ الشاويش محمد يحصي قواته وخسائره .
    لم يخسر جنديا واحدا .. كانوا كلهم في أماكنهم وارتفع صوت «الشاويش محمد» يعد خسائر اليهود . اثنتا عشرة مصفحة ومائتا قتيل .
    وعادت الطائرات اليهودية تحمل إنذارا بالتسليم إنذارا بالمنشورات ، والتفت الشاويش محمد إلى قواته يأمرهم من جديد بالاستعداد ليوم جديد ومعركة جديدة .
    وعلم وقتئذ قائد الجيش بقصة الشاويش محمد ، فأمر بترقيته إلى رتبة ملازم ثان .
    وكما سرى سر المجد والخلود في دم الشاويش محمد ، سرى أيضا يا ولدي في قلب فتيات مكتب البرق ببورسعيد ، فإذا هن شعلة من الحماسة الخالصة وتيار متدفق من الوطنية الصادقة .
    أقبل الإنجليز نحو هذا المكتب ليستولوا عليه ، وليقطعوا البقية الباقية من سبل المواصلات التي تربط بين القاهرة وبورسعيد ، ولكن فتيات هذا المكتب أو كما نسميهن "الفدائيات الأربع» ومن بقي معهن من الموظفين ، أصروا على عدم التسليم مهما كان الثمن .
    وسدد الإنجليز نيران مدافعهم ، وبدأ الضرب في مكتب البرق ، فإذا الفتيات الفدائيات يطلقن مدافعهن الرشاشة دفاعا عنه . وأقبل شباب المقاومة الشعبية نحوهن لمساعدتهن فازددن حماسة ودفاعا ، لجأ الانجليز والفرنسيون إلى أساليب المكر والخديعة ، فرفعوا الراية البيضاء فوق هذا المكتب ، ليوهموا رجال المقاومة الشعبية،
    - الذين كانوا يسددون نيرانهم الحامية على دبابات العدو من نوافذ المنازل المجاورة
    - أن فتيات المكتب قد استسلمن وانتهي الأمر .
    أدركت واحدة منهن حقيقة الراية البيضاء، وما وراء ذلك من خديعة ، فنبهت زميلاتها ، فعدن يرسلن إلى دبابات العدو وابلا من رصاص مدافعهن الرشاشة .
    وعندئذ أدرك رجال المقاومة الشعبية في المنازل المجاورة أن الفتيات الأربع لم يطلبن التسليم ، وبذلك عادت المقاومة من جديد حتى صدرت الأوامر المعروفة بوقف إطلاق النار من الطرفين .
    هذا هو سر النصر والخلود الذي سرى في قلب الفتيات الفدائيات الأربع ، فخلق منهن خلقا جديدا وأسطورة تتغنى بها الأيام .
    وسرى سر المجد والخلود في دم الضابطين البحريين جلال الدسوقي وعلي صالح ، فإذا كل منهما قوة خارقة ، وفدائي يذاع اسمه على مر الأيام والأعوام . خرج جلال الدسوقي في زورقه إلى عرض البحر ، في سرعة رهيبة بعد أن أصدر أوامره إلى زورقين آخرين باقتفاء أثره .
    انطلق هذا الفدائي إلى سفن العدو ، وكانت قد حشدت أمام بحيرة البرلس وما إن رآها حتى اختار منها أقواها بطشا ، وأكثرها رجالا ، وأثقلها وزنا ، وكانت طرادة فرنسية تفاخر بها فرنسا ، تعدها من خير ما تملك من قطع بحرية .
    دار حولها الفدائي جلال الدسوقي وسدد نحوها «طوربيدا» جعلها تتمايل يمنة ويسرة وبحارتها من فوقها يصيحون ويصرخون . وفي دقائق معدودات شبت النار في جوانبها وبدأت تغوص إلى أعماق البحر .
    وعاد هذا البطل وخلفه زوارق الطوربيد المصرية وفي أثناء عودتها رأت من بعد مدمرة فرنسية أخرى .
    وما هي إلا لحظات حتى اندفع زورق آخر بقيادة زميله « علي صالح » نحو المدمرة الثانية . فداعبها « بطوربيد » من زورقه لينال الشرف الذي ناله زميله الفدائي جلال الدسوقي .
    واستقر « طوربيد" علي صالح في المدمرة الثانية ، فإذا هي تغوص بدورها في أعماق الماء .
    وفي طريق العودة رأى البطلان الفدائيان سربا من اثنتي عشرة طائرة تحلق فوق رءوسهم وإذا قنابلها تدك الزورقين دكا .
    ولكن أبطالنا ، أبوا إلا أن تكون لهم معركة مع الطائرات كما كانت لهم معركة مع المدمرات ، فأطلقوا نيرانهم ودافعوا عن زوارقهم دفاع الأبطال ، ولكن سرب الطائرات انقض عليهم انقضاض الصاعقة والرصاص يتساقط عليهم من كل جانب كان في مقدور البطلين ومن معهما أن يقفزوا إلى الماء هربا ، ولكنهم فضلوا البقاء في زوارقهم وأن يغوصوا معها إلى الأعماق شهداء أبرارا بعد أن ضرب كل منهم للأجيال القادمة خير المثل في التضحية والفداء .
    وسرى سر البقاء والخلود في دم الطالب جواد حسني ، فانطلق في ركاب الحرس الوطني يلبي نداء الوطن ، عندما وقع العدوان الثلاثي الغادر على وطنه الحبيب .
    وذات مساء تسلل جواد من بين أفراد كتيبته - وكانت مرابطة عند الكيلو ٣٩ في طريق الكاب شرقي قناة السويس - تسلل منفردا واتخذ موقعا يشرف على كتيبة فرنسية كانت بالقرب منهم ، وأخذ « جواد » يطلق النار بعنف من مدفعه الرشاش ، فذعر الفرنسيون ، وخالوا أنهم أمام فرقة كاملة من الفدائيين. وعندئذ حاصروا الموقع الذي تنطلق منه النيران بالدبابات والسيارات المصفحة وسددوا مدافعهم نحو جواد .
    وظل البطل يطلق النيران طوال الليل ، وفجأة توقف مدفع جواد ، لقد أغمي عليه من فرط ما نزفت جراحه من دماء ، وتقدمت المصفحات والدبابات الفرنسية نحو البطل ... وصعق الفرنسيون عندما وجدوا أنفسهم أمام فدائي واحد ، لا أمام فرقة كما تصوروا .
    فدائي واحد من شباب مصر ، سرى فيه سر المجد والخلود يا ولدي ، فإذا به قوة صاعقة ونار محرقة ، يعمل العدو لها ألف حساب .
    ونقل جواد إلى معسكر الأسر ببورفؤاد، وطلب منه الفرنسيون الإدلاء بأية معلومات عن مواقع الفدائيين المصريين ووعدوه بإطلاق سراحه إن هو أدلى إليهم بهذه المعلومات ... ولكن البطل لاذ بالصمت .
    وصدرت الأوامر باستعمال أبشع وسائل التعذيب مع جواد لكي يتكلم ... كي يبوح بأسرار بلاده ... فكان الحرق بأعقاب (السجائر)... وكان الوخز (بالسونكي)، والربط بالحبال والكي بالنار ، ولكن جوادا لم يتكلم ، بل مد إصبعه الواهن في واحد من جروحه المتعددة ، وغمسه في دمائه الطاهرة وأخذ يسطر على الحائط قصته ..
    بعبارة كتب لها الخلود نذكرها فيما يلى : « يا أخي ، اسمى جواد .. طالب بكلية الحقوق .. فوجئت بالغرباء ، يقذفون أرضى بالقنابل ، فنهضت لنصرة وطني وإنقاذ أرضي .. والحمد لله .. لقد شفيت غليلي في أعداء البشرية ، وأنا الآن سجين وجرحي ينزف بالدماء .
    أنا الآن في معسكر الأعداء.. أنا هنا أتحمل كل وسائل التعذيب والإرهاب .. لكن يا ترى هل أعيش ؟ .. ليس المهم أن أعيش وإنما الأهم أن أرى النصر وان أشهد هزيمة الأعداء .
    ولما يئس الأعداء من أن يبوح لهم بشيء من أسرار زملائه في فرقة المقاومة الشعبية أطلقوا عليه نيرانهم ، ليخمدوا أنفاسه إلى الأبد .. ولكن بقيت روحه تشهد بعظمة أبناء مصر ... و
    عظمة شبابها .
    بهذه الروح القوية ، وبسر البقاء والخلود الذي يسري في دم كل مصري ، كتب لمصر النصر المبين . لقد استطاعت كتائب المقاومة الشعبية أن تصنع المعجزات، لقد استطاعوا أن يغلبوا بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ومعهم البقية الباقية من الدول الاستعمارية. لقد استطاعت كتائب الشعب أن تقتل الآلاف من الجنود وتدمر الآلاف من عدده وعتاده ، وتسقط الكثير من طائراته ، وتغرق الكثير من مدمراته .
    لقد قال « كتلي» قائد القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية : سأضرب مصر بلا هوادة أو شفقة ، حتى تقع ذليلة وتقلع عن كبريائها .
    ضربت يا « كتلي » مصر بطائراتك ودباباتك وأساطيلك فماذا جنيت ؟ وماذا كان مصيرك ؟
    ضربت مصر يا « كتلي » بلا هوادة أو شفقة ، وفعلت كل ما يحلو لك .. فماذا وجدت من شعب مصر ؟
    لقد وجدته أثبت من الجبال وأصلب من الحديد والفولاذ... لم ترهبه غواصاتك ولم تخفه طائراتك ولم ترعبه مدمراتك ... لقد آمن شعبنا يا «كتلي» بنفسه وانطلق يلقي على جنودك درسا لن ينساه الأحياء منهم إلى الأبد. لقد حمل عليهم حملة رجل واحد ، فإذا جنود الدولتين العظميين رمم سابحة في الدماء وجثث طافية على صفحات الماء ، وصرخات تتردد في أرجاء الفضاء . وإذا الشعب المصري يا ولدي يردد نشيد النصر ، ويملأ أسماع الدنيا بأمجاده ، وانتصاراته ، فاضطرت جيوش الأعداء أن تنسحب من مصر وتعود من حيث أتت .
    بذلك حمى شعبنا المجيد بلده وأرضه وقناته والعروبة كلها . بذلك ارتفع علم مصر خفاقا في أرجاء الفضاء ، يحكي للأجيال القادمة قصة كفاح هذا الشعب المجيد .
    س & ج :-
    س1: ما أثر التأميم على المصريين وعلى أوربا ؟
    أثر التأميم على المصريين : البهجة في كل مكان والفرحة على اللسان والابتسامة تغمر كل وجه والنشوة تملأ كل قلب .
    أثر التأميم على أوربا : خيم الحزن على كل ركن وغابت الابتسامة فكان في كل صدر زفرات حزن دفين .
    س2: لماذا اجتمع السياسيون في أوربا ؟وهل نجحوا في مهمتهم ؟ وما آخر ما توصلوا إليه ؟
    اجتمع السياسيون في أوربا للتفكير في ذلك الحدث الخطير وللتآمر على مصر لإعادة قناة السويس ن ولكنهم فشلوا أمام منطق العدل والحق ولجئوا إلى منطق الحديد والنار فقامت إنجلترا وفرنسا وإسرائيل بالعدوان 1965م .
    س3: اكتب مذكرات من صور البطولة المصرية ضد العدوان الثلاثي ؟
    أولاً ـ الشاويش محمد:
    علم أنَّ فرقته اشتبكت مع اليهود في فلسطين فأسرع إلى هناك في " القصيمة " حيث كان جنوده في انتظار توجيهاته والعدو يمطرهم بوابل من طلقات المدافع وبالمنشورات التي تطالبهم بالاستسلام وحين انتصف الليل أقبلت سيارات مصفحة وعلى بعد أمتار أصدر أوامره بالضرب فاشتعلت النيران في سيارتين وانسحبت بقيتها وعادت بحشد أكبر ولقيت نفس المصير ولم يخسر جندياً واحداً والعدو خسر اثنتي عشرة مصفحة ومائتي قتيل وكوفئ الشاويش محمد فرقي إلى رتبة ملازم ثان .
    ثانياً ـ الفدائيات الأربع " فتيات مكتب البرق " :
    أقبل الإنجليز على مكتب البرق ليقطعوا الاتصال بين القاهرة وبورسعيد أصرت الفتيات عدم التسليم فأطلق الإنجليز مدافعهم على المكتب فأطلقن مدافعهم الرشاشة وأقبل شباب المقاوم لمساعدتهن فلجأ الإنجليز للمكر والخديعة ورفعوا راية بيضاء فوق المكتب ليوهموا سكان المنازل بأنهن استسلمن فتنبهن لذلك فعدن للضرب وعاد رجال المقاومة للضرب من جديد حتى صدرت الأوامر بوقف إطلاق النار بين الطرفين .
    ثالثاً ـ بطولة جلال الدسوقي وعلي صالح :
    خرج جلال في زورقه يتبعه زورقان حتى وصل إلى سفن العدو أمام بحيرة البرلس وسدد نحو طرادة فرنسية طوربيداً أشعلت فيها النيران ثم غرقت وأثناء عودته ظهرت مدمرة فرنسية تصدى لها علي صالح فغرقت وأثناءعودتهما تصدت لهما اثنتا عشرةطائرةولألقت قنابلها عليهما ودكتهما دكاً وكتبت لهما الشهادة
    رابعاً ـ بطولة جواد حسني :
    طالب بكلية الحقوق تطوع وتسلل منفرداً إلى كتيبة فرنسية وأخذ يطلق عليهما النيران فذعر الجنود وظنوا أنهم أمام فرقة من الفدائيين فحاصروا الموقع وظل جواد يطلق النيران طوال الليل حتى أغمي عليه بسبب نزف جروحه وصعق الفرنسيون عندما وجدوه وحده وأخذ إلى معسكر الأسر ببورفؤاد وعذب ليبوح بأسرار بلاده فلم يستجب لهم حتى أطلقوا عليه النار وكتب قصته على جدران سجنه وبقيت روحه تشهد بعظمة أبناء مصر .
    س4: من " كتلي " ؟ وبماذا هدد ؟ ولماذا لم يحقق هدفه ؟
    " كتلي " قائد القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية هدد قائلاً : " سأضرب مصر بلا هوادة أو شفقة حتى تقع ذليلة وتقلع عن كبريائها " ،ولكنه لم يحقق هدفه لأن مصر أثبت من الجبال وأصلب من الحديد والفولاذ لم يخف شعب مصر وانطلق يلقي الجنود درساً لن ينساه الأحياء منهم إلى الأبد .

    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 703
    نقاط : 1601
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 48

    نص كفاح شعب مصر  Empty رد: نص كفاح شعب مصر

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الإثنين 11 مارس 2024, 11:01 pm

    ص الفصل الثاني عشر - العدوان والصمود
    عادت إسرائيل تهاجم مصر مرة أخرى ، ومن ورائها الدول الاستعمارية ويهود العالم يؤيدونها بكل السبل والوسائل .
    وكان هذا الهجوم على مصر مفاجأة ونكسة وصلت بها إسرائيل إلى شرقي قناة السويس بعد أن خسر الجيش المصري أكثر معداته وذخيرته .
    ولكن شعب مصر الخالد أبى الخضوع والاستسلام... أبى أن يقبل النكسة والهزيمة ... أبى الذل والهوان ، لأنه شعب صلب بتكوينه ، عظيم بأصله ،عزيز بطبعه ، قوي بعزيمته وإرادته .
    لقد صمد الشعب المصري وأعلن في يومي 9 ، ١٠ من يونيه سنة ١٩٦٧ أنه لن يستسلم لهذه النكسة والهزيمة ، وصاح بأعلى صوته في كل مكان قائلا :
    لن يرهبنا العدو بطائراته .
    وبدأت مصر تعيد بنا ء جيشها بعد نكسة يونيو سنة ٠١٩٦٧. راحت تسلحه بأحدث الأسلحة وأحسنها ، وراحت تنظمه بأحدث أساليب الحرب والقتال ، وراحت تدخل فيه العناصر المتعلمة لتزيده وعيا وإدراكا للرسالة الملقاة عليه .
    وظهرت بوادر العزم والصمود في مظهرين هامين : الأول في إغراق المدمرة البحرية : «إيلات » بطوربيد مصري، عندما اقتربت من السواحل المصرية ، فتحطمت أجزاؤها وتناثرت في الماء وابتلع البحر رجالها وجنودها ، وأدركت البحرية الإسرائيلية أن سلاح مصر البحري يعمل له ألف حساب ، والأمر الثاني : هذا الصمود في هزيمة إسرائيل في موقعة المدافع عند قناة السويس ، حيث دكت مواقعها وحطمت دباباتها وولى رجالها هاربين . بعد أن قتل من قتل وجرح من جرح .
    بمثل هذا العمل الحربي أدرك العالم كله أن شعب مصر عزم على الصمود كعادته في كل العصور .
    وفي الوقت ذاته راحت مصر تدعم المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة، وراحت تسندها وتؤيدها وتدعمها حتى أصبحت أشواكا تؤلم إسرائيل وتقلقها وتعمل لها ألف حساب .
    ومضى عام على نكسة يونية ١٩٦٧م ، أثبت فيه شعب مصر صموده وصلابته وعزمه وقوة إرادته .
    وبعد مرور عام تحول شعب مصر من مرحلة الصمود إلى مرحلة الردع في هذه المرحلة راحت صواريخنا تزمجر .
    وراحت مدافعنا تضرب وكأنها الرعد والبرق والسيل المنهمر . وراحت مدافعنا وصواريخنا تدك حصون العدو ، وراحت تحطم طائراته وتهبط بها إلى الأرض .
    وراحت صواريخنا تحطم وتضرب تجمعات العدو ، وتسكت مصادر نيرانه .
    وراحت طائراتنا تضرب وترد الضربات بأقوى منها .
    وراح الفدائيون يتسللون ليلا ونهارا داخل إسرائيل يضربون المستعمرات ويخربون الطرقات ، ويبثون الألغام ، ويدكون محطات النور والمياه حتى حل الخوف والقلق والاضطراب في إسرائيل ، وعاش أهلها في الخنادق ليلا ونهارا .
    ولم تعد لهم حدود آمنة كما كانوا يزعمون .
    وقد تجلى الصمود المصري في هجوم إسرائيل برا وبحرا وجوا على جزيرة « شدوان » . هذه الجزيرة المصرية الرابضة عند مدخل خليج السويس ، والمعزولة في الماء .
    ظلت هذه الجزيرة تقاوم العدو وتصمد أمامه صمود الجبال ، حتى استطاعت في النهاية أن تنتصر فتحظى بإعجاب العالم، واستطاعت بفضل ثباتها أن تضيف إلى أمجاد مصر صفحة جديدة حافلة بالمجد والفخار .
    وضع العدو كل جهده وكل قوته في غزو شدوان وراحت إذاعاته تمهد للنصر في هذا الغزو .
    لقد اختار العدو هذه الجزيرة الصغيرة والمعزولة والتي ليس فيها غير مجموعة صغيرة من الرجال ، ليحقق نصرا يجد فيه وسيلة للدعاية .
    على عاتق هذه المجموعة الصغيرة من الرجال وقع عبء رد هذا الغزو فوقف رجالها البواسل يقاتلون العدو ، ويدافعون عن كل شبر من أرض هذه الجزيرة .
    كان عليهم أن يقولوا نحن - أبناء مصر - لن نسمح للعدو بخطوة واحدة إلى الأمام ، ولن نسمح له أن يحتل شبرا واحدا من أراضينا ، قالوا ذلك بالصمود والثبات في القتال .
    لقد صمدوا في عناد عربي مصري أصيل ... رابط كل منهم في موقعه وقاتل قتالا عنيفا . ولم تخفهم إمدادات العدو المتلاحقة . ولم تثن من عزيمتهم طائرات العدو التي تلقي قنابلها في شدة وعنف .
    من كل مكان ظن العدو أن يضرب فيه وهو آمن ، كان يجد نيران جنود هذه الجزيرة الصغيرة تلاحقه .
    كانت هذه النيران تلاحقه من كل موقع ، ومن كل هضبة ، ومن كل نتوء صخري ، ومن كل شبر فيها ، بلا يأس ولا خوف ولا تردد .
    كانت الروح المصرية تقاوم بكل حزم وعزم ساعات متصلة ، بلا ملل ، حتى أدرك العدو أنه لن يقوى على البقاء في هذه الجزيرة. ومضى يتراجع وينسحب أمام الإرادة المصرية .
    واعترف العدو ببسالة الدفاع المصري . وظلت الراية المصرية تخفق على الجزيرة المناضلة . وظلت رءوس الرجال والنساء والأطفال مرفوعة في عزة وكرامة .
    وفي مرحلة الردع ، ضربت الضفادع المصرية ضربتها الثانية في ميناء " إيلات " الإسرائيلية .
    ركبت الضفادع البشرية " طائرة من نوع الهليوكوبتر وكلهم ثقه في النصر والفوز ، راحت هذه الطائرة تطير نحو هدفها على ارتفاع منخفض وسط تلال سيناء.
    ونزلت الطائرة في مكان محدد لها وسط أمواج البحر .
    وأخدت كل مجموعة تعد العدة لنسف القطعة البحرية المخصصة لها وتعطي لهم التعليمات الهامة ، وتضبط الساعات و « البوصلات » . وعندما اقتربوا من الأهداف حملوا العبوات الناسفة المدمرة حتى وصلوا بها إلى السفن الحربية التي جاءوا لتدميرها وأعطيت إشارة البدء فدوى الانفجار ، وهب سكان ميناء إيلات من نومهم مذعورين ، لقد دوى انفجار رهيب. واندلعت النيران في المينا، تضيء الليل .
    وفي هذه اللحظة انطلقت إذاعة مصر تؤكد هذا النبأ وتقول « قامت قواتنا الخاصة البحرية المنقولة جوا للمرة الثانية بمهاجمة قطع الأسطول البحري الإسرائيلي في ميناء إيلات على خليج العقبة .
    لقد تم نقل مجموعة من الضفادع البشرية المحمولة جوا إلى المنطقة القريبة من ميناء إيلات في سيناء. حيث نزلت إلى المياه واقتربت من أهدافها داخل الميناء العسكري الإسرائيلي ووضعت عبوات كبيرة من المتفجرات على جسم كل من ناقلة الدبابات الثقيلة « بيت هيشع » ، وعلى سفينة النقل العسكرية المسماة: « بيت يام » وهي تستخدم في نقل الجنود والمعدات وقد انفجرت العبوات ، وأحدثت الانفجارات دويا هائلا واشتعلت النيران في كل من القطعتين البحريتين وغرقتا بما كان فيهما من أفراد ومعدات كانت معدة لعملية عسكرية يدبر لها العدو » .
    وتخطت مصر مرحلة الصمود وردع العدو ، وأخذت بزمام المبادأة في البر والجو والبحر ، وأصبحت تعبر القناة مرات في اليوم الواحد ، لتثير في العدو الرعب والخوف.
    إن مصر التي استطاعت بصبرها وشجاعتها وعزيمتها أن تطرد الهكسوس وتهزم الفرس . وتقف في وجه المغول ، والصليبيين ، وتشتت الأتراك ، وتطرد الفرنسيين وتدوخ الإنجليز . قادرة على أن تفعل بإسرائيل ما فعلته بكل أجنبي دخيل .
    لقد برهن شعب مصر من عهد الفراعنة حتى الآن أنه شعب شجاع ، يأبى الذل والهوان ، لقد برهن في كل العصور على صدق ما قاله المؤرخ وعالم الآثار الكبير « ماسبيرو » :
    « إن مصر خالدة على الزمن .. فكم من مرة دخلها الغاصبون ، وظنوا أنهم قلبوا مدنها أنقاضا فوق سكانها فإذا شعب مصر ينفض عنه ما ظنه الغاصبون فناء، ويبعثون من تحت الأرض أعزة أقوياء » .
    هذه طبيعة شعب مصر ، وهذه صورة من قوته ، وصلابته على مدى العصور والقرون، ومهما مرت به المحن والشدائد فهو أقوى من المحن وأصلب من الشدائد.

    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 703
    نقاط : 1601
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 48

    نص كفاح شعب مصر  Empty رد: نص كفاح شعب مصر

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الإثنين 11 مارس 2024, 11:02 pm

    (7) الفصل الثالث عشر (نصر أكتوبر 1973م)
    نص الفصل الثالث عشر - نصر أكتوبر سنة 1973 م
    قام العدو الإسرائيلي بعد نكسة ١٩٦٧ بتحصين نفسه فأنشأ خط «بارليف» على امتداد الساحل الشرقي لقناة السويس لمنع هجوم المصريين ، ولضرب أية قوات تحاول عبور القناة . وقد جهز خط « بارليف» بأقوى التحصينات ، وأحدث المعدات الحربية .
    ومواقع هذا الخط تتحكم في اتجاهات مختلفة لتغمر نيرانها أية قوات مصرية تحاول العبور، في أي موضع من مواضع قناة السويس.
    وفضلا عن ذلك أعدت خزانات محكمة للمواد الملتهبة ، موزعة على مسافات مناسبة منتظمة ، تخرج منها أنابيب تحمل هذه المواد إلى سطح مياه قناة السويس فإذا ما أشعلت هذه المواد الملتهبة تحول سطح القناة إلى نار موقدة ، تلتهم كل شيء حولها .
    وبجانب هذا كله أقامت إسرائيل ساترا ترابيا على الضفة الشرقية بارتفاع ١٥ -٢٠ م، ليمنع أية « دبابة » برمائية من الدخول إلا بعد إزالة هذا الساتر الترابي، وإزالته تتطلب جهدا كبيرا ووقتا طويلا ، يعطي لجيش إسرائيل الفرصة الكافية لملاقاة أي هجوم مصري .
    وبجانب مساعدات أمريكا في إقامة خط « بارليف » زودت إسرائيل بأقوى الدبابات ، وأحدث الطائرات ، وأحسن المعدات ، حتى ظنت إسرائيل أنها في برج مشيد ، وحصن حصين وموقع منبع ، يستحيل اقتحامه.
    بهذا الاستعداد الكبير أصبحت قناة السويس في نظر رجال الحرب والسياسة أصعب الموانع المائية، وأصبح عبوره أمرا صعب المنال ، وقد نسوا جميعا أن روح مصر الثائرة الخالدة تأبى الذل والهوان والهزيمة .
    وكانت مصر في هذا الوقت تستعد لملاقاة طائرات العدو بالصواريخ ، ولم يكن الأمر سهلا ، إذ كان العدو يلاحق قواعد هذه الصواريخ بطائراته ، ولكن كانت القيادة العسكرية المصرية تنقل غابة الصواريخ وقواعدها ، تبعا لخطة سرية ، غاية في الذكاء والتضليل . وقد كان لهذه القواعد فضل كبير في تدمير الطيران الإسرائيلي عندما جاءت ساعة العبور وساعة اللقاء .
    وفي اللحظة المرتقبة - ٦ أكتوبر ١٩٧٣ - اندفع الطيران المصري يزأر في سماء سيناء ، ليحطم مطارات العدو ومواقعه ، واندفع رجال الصاعقة في قلب سيناء، يدمرون منشآته وقواعده ومستودعات المواد الملتهبة التي أعدت لإرسالها مشتعلة فوق سطح مياه قناة السويس .
    وفي الوقت ذاته كان المهندسون العسكريون يفتحون فتحات واسعة في الساتر الترابي ، بقوة المياه، ويقيمون الكباري والمعدات فوق القناة لتعبر الدبابات والعربات المصفحة والمعدات الحربية والجنود والمشاة إلى أرض سيناء .
    وانتشرت الدبابات في قلب سيناء في كل مكان ، وتدهش إذا عرقت أن إسرائيل بدأت القتال ولديها أكثر من ألف وسبعمائة دبابة وهو عدد يفوق ما تملكه إنجلترا.
    التقت دبابات مصر بهذا العدد الكبير فحطم الجزء الأكبر منه ، وولى الباقي القليل الفرار . لقد انتصرت مصر في معركة الدبابات ، كما انتصرت في معركة العبور والصواريخ .
    وكان إذا قابل جندي من جنود المشاة دبابة من دبابات العدو يأبى الفرار ، كان يندفع نحوها ، وتتجه هي نحوه لتسحقه وتمشي فوقه ، كان يقف هذا الجندي المصري الشجاع صامدا حتى إذا ما اقتربت منه أخرج من جيبه قنبلة يدوية وفجرها في داخل الدبابة ، فإذا بها حطام بمن فيها ، وإذا هو شهيد بجوارها .
    ولم يكن المهندس العسكري أقل تضحية وفداء ، فقد ألقت طائرة من طائرات العدو قنبلة على ممر مطار مصري ، ولكنها لم تتفجر فأسرع نحوها هذا المهندس العسكري وحملها بعيدا ، قبل أن تنفجر وتحطم ما حولها من طائرات ، وما أن مرت ثوان معدودات حتى انفجرت القنبلة بعيدا ، ومزقته تمزيقا ، بعد أن أنقذ كل ما كان في الممر من طائرات مصرية .
    هذه الروح المصرية الفدائية العظيمة هي سر عبور هذا المانع المائي العظيم، وسر تحطيم خط بارليف ، وسر هزيمة مصر لإسرائيل تلك الهزيمة الساحقة التي حطمت إسرائيل تحطيما سياسيا وحربيا واقتصاديا ، وأضاعت الثقة الدولية بها وأصبح الحديث عن تفوقها الحربي وهما وخيالا .
    سأل رجل المخابرات الإسرائيلية ضابطا طبيبا مصريا ، بعد أن وقع في الأسر قائلا :
    - ما اسم الحبوب التي تقدمونها للجنود المصريين في أثناء القتال ؟
    فقال الأسير المصري :
    ماذا تقصد بكلمة حبوب ؟
    فأجابه : الحبوب الطبية التي توزعونها على الجنود في أثناء الحرب .. وانت ضابط طبيب تعرف ذلك من غير شك ، فلا تحاول الإنكار .
    فرد الطبيب المصري الأسير قائلا :
    أنت تسأل عن شيء لم أسمع به في حياتي .
    فعاد ضابط المخابرات الإسرائيلية يقول :
    معلوماتنا موثوق بها ... أنتم تعطون الجنود حبوبا تلهب شعورهم وتجعلهم يحاربون بروح انتحارية .
    فضحك الطبيب المصري الأسير وقال : من قال لكم هذه الأوهام والخرافات؟
    إنكم واهمون ولا تقولون إلا زورا .
    وراح ضابط المخابرات الإسرائيلية يعذب الطبيب الأسير ... ليجبره على أن يبوح بالسر . وأدرك الطبيب الأسير أنه أمام مخبول لا يريد أن يدرك أن شجاعة المقاتل المصري منبعثة من أعماق إيمانه بأرضه ووطنه ، فاضطر أن يهزأ به ويقول :
    إننا نتناول حبوب الشجاعة قبل القتال .
    وتصور ضابط المخابرات الإسرائيلية أنه توصل إلى سر شجاعة المقاتل المصري وتحديه الموت بلا تردد ، وفاته أن المقاتل المصري يؤمن بأن لكل أجل كتابا وفاته أيضا أنه يؤمن بالقول القائل : رب جريء كتبت له السلامة وجبان لقي حتفه في مكمنه.
    لقد نسيت إسرائيل أن قوة الإيمان الكامنة في نفس المصري والعربي أقوى من القنابل والمدافع والصواريخ ، لقد تضاءل ما قدمته إسرائيل من استحكامات قوية، وما نظمته من طيران قوي ، وما جمعته من دبابات عصرية أمام هذه القوة . لقد تضاءل كل ذلك أمام إيمان شعب مصر بوطنه ، وأمام إيمانه بعزته وكرامته وحضارته .
    لقد تضاءل كل ذلك أمام إرادته وصلابته وعزيمته ، وتلاشى أمام النار المتقدة في صدره والملتهبة بين ضلوعه . تلك النار التي خلفتها نكسة ١٩٦٧ .
    لقد برهن شعب مصر من عهد الفراعنة حتى الآن أنه شعب شجاع، يأبى الذل والهوان.
    هذه طبيعة شعب مصر ، وهذه صورة من قوته وصلابته على مدى العصور والقرون ومهما مرت به المحن والشدائد فهو أقوى من المحن وأصلب من الشدائد.


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 28 أبريل 2024, 3:37 pm