ضـــــــــــــــــــــــاد إيـــــــــــــــــــجـــــــــيdhaad-EGY

منصة ضاد إيجي يرحب بك ويقول لك المنتدي منتداك لأجلك انت فقط لا تترك المنتدي وترحل فبادر بالرد او اضافة موضوع اذا كان الموضوع الأصلي غير ملم او رابطه تالف لكي يعم النفع عليك وعلي غيرك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ضـــــــــــــــــــــــاد إيـــــــــــــــــــجـــــــــيdhaad-EGY

منصة ضاد إيجي يرحب بك ويقول لك المنتدي منتداك لأجلك انت فقط لا تترك المنتدي وترحل فبادر بالرد او اضافة موضوع اذا كان الموضوع الأصلي غير ملم او رابطه تالف لكي يعم النفع عليك وعلي غيرك

ضـــــــــــــــــــــــاد إيـــــــــــــــــــجـــــــــيdhaad-EGY

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ضـــــــــــــــــــــــاد إيـــــــــــــــــــجـــــــــيdhaad-EGY

منصة تعليمية -فكرية -تربوية


    التشبيه وأنواعه

    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 715
    نقاط : 1631
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 49

    التشبيه وأنواعه Empty التشبيه وأنواعه

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الأربعاء 13 أبريل 2022, 1:46 am

    ‌‌تعريف التشبيه
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:
    فسبق وأن تحدثنا عن مكانة البلاغة بين العلوم النافعة، ثم عرجنا بعد ذلك على تعريف البيان، ثم ذكرنا أنواع دلالته، وأنها دلالة لفظية: وهي من نوع دلالة التضمن أو الالتزام، وليست المطابقة.
    التشبيه: تعريفه، وأركانه، وأقسامه باعتبار طرفيه.
    التشبيه: يعني الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى بإحدى أدوات التشبيه، أو بوجه يُنبئ عنه كقولك مثلًا: محمد كالأسد شجاعة.
    فالأمر الأول: في هذا المثال محمد وهو المشبه. والأمر الثاني: الأسد وهو المشبه به، وأداة التشبيه هنا الكاف كالأسد، والمعنى المرتبط بالأمرين المشبه والمشبه به هو الشجاعة، ويُعرف بوجه الشبه.
    وقولنا بإحدى أدوات التشبيه يُخرج الاستعارة بنوعيها؛ لكونها مبنية على تناسي التشبيه، كما يُخرج أيضًا نحو قولنا: جاءني محمد وعلي، وجاور زيد عمرًا، وغير ذلك من الصيغ الدالة على المشاركة، لكن بطرق أخرى من غير طريق أدوات التشبيه.
    قولنا "أو بوجه ينبئ عنه": يُدخل ما كان من التشبيه غير صريح، كقولك في بعض صيغ التجريد: لئن سألت فلانًا لتسألن به البحر، أو تقول: لقيت من زيد أسدًا، فالتجريد هو أن يُنتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله في تلك الصفة؛ مبالغة في كمالها فيه، ويدخل أيضًا التشبيهات الضمنية كقول المتنبي:
    لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا … إلا بوجه ليس فيه حياء
    يريد أن الحياء انعدم من شمس النهار عندما سطع نورها، وتجرأت أن تعارض وتلاقي وجه ممدوحه، هذه طبعًا مبالغة يريد الشاعر من خلالها أن يبين أن نور ممدوحه يفوق شمس النهار، وقد تكون هذه الأشياء الأربع للتشبيه: وهي
    المشبه، والمشبه به، وأداة التشبيه، ووجه الشبه بيِّنة ظاهرة، مصرحًا بها، أو ببعضها كما مر في قولنا: محمد كالأسد شجاعة، وكما في قول الله تعالى: {وَلَهُ الْجَوَارِي الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} (الرحمن: 24)، وقد تكون خفية مستترة يُنبئ بها الأسلوب، وتُفهم من خلال سياق الكلام، كما مر بنا في التشبيهات غير الصريحة كقولنا مثلًا: لقيت من زيد أسدًا، ولئن سألت فلانًا لتسألن به البحر، إلى غير ذلك من التشبيهات الضمنية، أو التي يدخل فيها معنى التجريد.
    وهنا يأتي سؤال ما نوع الدلالة في التشبيه، وما موقع التشبيه إن كانت دلالته دلالة مطابقة من المباحث البيانية؟ وما قد مر بنا أن الدلالة المعتمدة لدى البيانيين هي الدلالة اللفظية، وتشمل هذه الدلالة دلالة الالتزام ودلالة التضمين.
    والملاحظ في دلالة التشبيه أنها ليست دلالة التزام ولا تضمين، وإنما هي دلالة مطابقة؛ لأن كلًّا من المشبه والمشبه به، والأداة ووجه الشبه مستعمل في معناه الوضعي، ودال على تمام معناه.
    ومن المعلوم كما سبق أن ذكرنا أن المعاني المعبر عنها بألفاظ وضعية دالة على تمام معناها تكون واضحة الدلالة، وعلم البيان إنما يبحث في الدلالات التي تختلف في درجات الوضوح، وهي الدلالات غير الوضعية. من هذا اختلف البيانيون في موقع التشبيه من علم البيان، هل يُعدُّ من مباحثه الرئيسة، أم أنه مبحث تمهيدي لمباحث الاستعارة، وافترقوا على رأيين:
    رأي يرى أن التشبيه مبحث تمهيدي لدراسة الاستعارة، وليس مبحثًا رئيسًا لما ذكرنا من أن دلالة التشبيه دلالة مطابقة، يُعبَّر عن معانيها بألفاظ حسب
    أوضاع اللغة، وليس فيها معانٍ وراء ذلك، كما ذكرنا في علم المعاني، وعلم البيان، وأنها تبحث عن المعاني الثانوية، أو معنى المعنى في علم البيان؛ بينما يرى فريق آخر أن التشبيه من مباحث علم البيان الرئيسة، ومن مقاصده الأساسي، وحجتهم في ذلك أن التشبيه ليس على درجة واحدة من الوضوح، بل تتفاوت درجاته، وتتعدد أقسامه، وتختلف مراتبه؛ فهناك التشبيه الواضح، وهناك التشبيه الضمني، وهناك التشبيه البليغ محذوف الوجه والأداة، وهناك المؤكد محذوف الأداة، والمرسل الذي ذُكرت فيه الأداة، وهناك التشبيه المفصل الذي ذكر فيه الوجه، وهناك المجمل، كما أن هناك تشبيه الحسي، والعقلي، وهناك المفرد والمركب، إلى غير ذلك.
    وهذا التفاوت والاختلاف ظهورًا وخفاء، ووضوحًا ودقة يجعله من المباحث الرئيسة لعلم البيان، وهذا الرأي هو الأولى بالقبول؛ فلا أحد من علماء البيان يختلف في أن للتشبيه اعتباراته الدقيقة، ولطائفه العجيبة، ومحاسنه العديدة، وهذا ما جعله موضع اهتمامهم، ولما لا وباب الاستعارة مبني أساسًا عليه، ومن ثَمَّ فهو أساس في علم البيان لا يمكن الاستغناء عنه بحال من الأحوال

    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 715
    نقاط : 1631
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 49

    التشبيه وأنواعه Empty رد: التشبيه وأنواعه

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الأربعاء 13 أبريل 2022, 1:48 am

    ‌‌أركان التشبيه
    نتكلم عن أركان التشبيه، وما يتحتم ذكره منها:
    أركان التشبيه خمسة:
    أولها: المشبه: وهو -كما قلنا- الأمر الذي يُراد إلحاقه بغيره.
    ثانيها: المشبه به: وهو الأمر الذي يُراد إلحاق غيره به، ويُسمى كل من المشبه والمشبه به طرفا التشبيه

    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 715
    نقاط : 1631
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 49

    التشبيه وأنواعه Empty رد: التشبيه وأنواعه

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الأربعاء 13 أبريل 2022, 1:51 am

    ‌‌أقسام التشبيه باعتبار الحسية والعقلية
    نذكر بعد هذا التطواف حول أقسام التشبيه باعتبار الحسية والعقلية، نذكر أقسام التشبيه باعتبار إفراد الطرفين، وتقييدهما، وتركيبهما، ينقسم التشبيه باعتبار إفراد الطرفين وتقييدهما وتركيبهما إلى سبعة أقسام:
    فهناك تشبيه مفرد بمفرد، هناك مقيد بمقيد، هناك مفرد بمقيد، هناك مقيد بمفرد، وهناك مركب بمركب، وهناك مفرد بمركب، ومركب بمفرد. معنى إفراد الطرف: أن يكون شيئًا واحدًا متميزًا بذاته، وليس مقيدًا بقيد يؤثر في صورة التشبيه، وليس على هيئة مركبة من عدة أمور مثل: أن نشبه بالقمر، أو نشبه بالبحر، أو نشبه بالنجوم، إلى غير ذلك.
    معنى تقييد: أن يرتبط الطرف، ويقيد بوصف، أو بإضافة، أو بحال، أو بجار ومجرور؛ تقييدًا لا يبلغ حد التركيب، شريطة أن يكون لهذا القيد أثر في تحقيق وجه الشبه مثل قولنا مثلًا: الراقم على الماء، والمرآة في كف أشل، إلى غير ذلك.
    معنى أن يكون الطرف مركبًا يعني: أن يكون هيئة مؤلفة من أمرين، أو من عدة أمور، قد امتزجت امتزاجًا يجعلها في حكم الشيء الواحد. كما سنذكر ذلك في هذه الأمثلة التالي ذكرها، فنتناول:
    أولًا معنى أن يتشبه طرف مفرد بطرف مفرد آخر، نذكر مثلًا من الأمثلة ما جاء في قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} (النبأ: 10)، فهنا يشبه الله -سبحانه وتعالى- الليل باللباس بجامع الستر في كل فكل من الليل، واللباس يستر الناس منه قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (البقرة: 187)، فشبه المرأة أيضًا باللباس للرجل، والرجل باللباس للمرأة، فالطرفان مفردان مجردان، وجه الشبه فيما

    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 715
    نقاط : 1631
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 49

    التشبيه وأنواعه Empty رد: التشبيه وأنواعه

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الأربعاء 13 أبريل 2022, 1:52 am

    ‌‌تعريف وجه الشبه
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:
    التشبيه باعتبار وجه الشبه الذي يمثل الركن الثالث من أركان التشبيه الأربعة المتلفظ بها، وذلك بعد أن تحدثنا فيما سبق عن الركنين الأولين المشبه والمشبه به، والأحوال والصور التي يأتي عليها كل منهما، ووجه الشبه هو المعنى الذي يشترك فيه طرفا تشبيه تحقيقًا أو تخييلًا.
    تحقيقًا يعني: على جهة التحقيق، وتخييلًا أي: على جهة التخييل، نضرب بعض الأمثلة لما جاء على جهة التحقيق، كأن شبه مثلًا الشعر بالليل، ويشبه الرجل الشجاع بالأسد، ويشبه مثلًا الخد بالورد، إلى غير ذلك، وإنما يقع الفرق من جهة الزيادة والنقصان، والقوة والضعف، فغالبًا ما يكون وجه الشبه في المشبه به أبرز وأعرف، وأقوى منه في المشبه، وقد يتساويا في اتصافهما به، وقد يكون الوجه أقوى وأكمل في المشبه، وأبرز وأشهر في المشبه به، وهنا تروى قصة طريفة ملخصها أن أبا تمام راح يمدح أحمد بن المعتصم فقال في حقه:
    إقدام عمرو في سماحة حاتم … في حلم أحنث في ذكاء إياس
    فالمقام هنا يقتضي أن يكون اتصاف الأمير أحمد بوجه الشبه أقوى وأتم من اتصاف هؤلاء المذكورين به، ولذا لما أخذ على أبي تمام أن الأمير أكبر من أن يشبه في ذلك بهؤلاء أنشد مرتجلًا:
    لا تنكروا ضربي له من دونه … مثلًا شرودا في الندى والباس
    فالله قد ضرب الأقل لنوره … مثلًا من المشكاة والنبراس
    فشبه حاله في هذا بحال الآية الكريمة التي قال الله فيها: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} (النور: 35)، فالله شبه الأقل بنوره من المشكاة والنبراس، والأصل أن يكون نور الله أقوى من كل هذا

    أ-رمضان
    أ-رمضان


    عدد المساهمات : 715
    نقاط : 1631
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 14/01/2014
    العمر : 49

    التشبيه وأنواعه Empty رد: التشبيه وأنواعه

    مُساهمة من طرف أ-رمضان الأربعاء 13 أبريل 2022, 1:55 am

    إذن فهذا كان حسن تخلص من أبي تمام في الخروج من هذا المأزق، أو هذا المأخذ الذي أُخذ عليه أيًّا ما كان؛ فالمشهور والمعروف أن يكون المشبه به في تحقيق وجه الشبه أقوى من المشبه، وأعرف وأظهر، هذا هو المعروف والمتداول، والغالب في صور التشبيه.
    أما وجه الشبه التخييلي: فهو الذي يكون وجوده في أحد الطرفين على جهة الحقيقة، وفي الآخر على جهة التخييل والتأويل، قول القاضي التنوخي:
    وكأن النجوم بين دجاها … سنن لاح بينهن ابتداع
    هذه صورة رائعة في التشبيه، فقد شبه انتشار النجوم في السماء، وقد تخللتها قطع من سواد الليل، بالسنن الواضحة، وقد اندست بينها البدع، ووجه الشبه هو الهيئة الحاصلة من وجود أشياء مشرقة مضيئة في جوانب شيء مظلم، وهو كما هو واضح مركب حسي، هذا الوجه موجود على جهة التحقيق في المشبه، ولا يوجد في المشبه به إلا على طريق التخييل؛ لأن السنن والبدع من المعقولات التي لا تتصف بصفة المحسوسات، فالتخييل الذي نقصده أن نتأمل أجزاء الصورة في الطرفين، ثم نصل إمكان الجمع بينهما في الوجه المذكور، وذلك بأن نقول: إن السنة تشبه بالنجم بجامع الاهتداء بكل منهما، والبدعة تشبه بالليل بجامع الإضلال؛ بذا تكون جزءا الصورة قد تماثلًا، وتآخيا عند النفس، ثم إن البدعة والكفر وكل ما هو جهل قد اشتهر وصفه بالظلام والسواد، وكذلك السنة والإيمان، وكل ما هو علم قد اشتهر وصفه بالإشراق والبياض.
    قوله تعالى: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (البقرة: 257)، قوله -عليه الصلاة والسلام- ((أتيتكم بالحنيفية البيضاء)) ويقال: شاهدت سواد الكفر في جبين فلان، ونور الإيمان يشرق في وجه فلان، فلما اشتهر ذلك تواهمت النفس، وتخيلت أن في البدع ما
    هو في الليل من ظلام وسواد، وأن في السنة ما في النجم من إشراق وبياض، وصح لديها أن تشبه سنن وقد اندست بينها البدع بالنجوم يتخللها الظلام بجامع الهيئة الحاصلة من وجود أشياء مشرقة مضيئة في جوانب شيء مظلم أسود، من التشبيه التخييلي، أيضًا قول الشاعر:
    ولقد ذكرتك والظلام كأنه … يوم النوى وفؤاد من لم يعشق
    فقد شبه الظلام بيوم النوى، وبفؤاد من لم يعشق بجانب السواد في كل، فالوجه موجود في المشبه على طريق التحقيق، وموجود في المشبهين بهما على طريق التخييل هي كلمة النوى يوم النوى، وفؤاد من لم يعشق، وذلك بناء على ما ذع واشتهر من قولهم أسود النهار في عينيه، أظلمت الدنيا أمامه، وقلبه أسود كالليل، ولذا صح التشبيه، واستقام على طريق التخييل، وجعل ما ليس بمتلون متلونًا، فما أكَّد الشاعر هذا التخييل بجعل السواد في كليهما أشد وأقوى منه في ظلام الليل بقلب التشبيه، وجعل الظلام الذي هو سواده محسوس محقق مشبهًا، ويوم النوى وفؤاد من لم يعشق اللذين سوادهما متخيل جعلهما مشبهين بهما.
    من ذلك أيضًا قول الشاعر:
    وأرض كأخلاق الكرام قطعتها … ...........................
    هنا شبه الأرض بأخلاق الكرام بجامع السعة والانبساط، فوجه الشبه موجود في المشبه على طريق التحقيق هو السعة موجود في الأرض على سبيل التحقيق، وموجود في المشبه به هي أخلاق الكرام على طريق التخييل؛ بناء على ما اشتهر من وصفهم الخلق الكريم بالسعة في قولهم: فلان رحب الأخلاق، واسع الصدر، فسيح الحلم، ثم بالغ الشاعر في تخيله فقلب التشبيه مدعيًا أن أخلاق الكرام أحق بوصف السعة والانبساط من الأرض، فهذا التشبيه مقلوب، لكن الصورة فيه متخيلة في جانب المشبه به، وهي أخلاق الكرام
    بهذا يتضح أن وجه الشبه لا بد أن يكون مشتركًا بين الطرفين، موجودًا وملاحظًا في كل منهما، إما عن طريق التحقيق، وإما عن طريق التخييل والتأول، فإذا لم يكن موجودًا وملاحظًا في كل من الطرفين؛ كان التشبيه فاسدًا ومعيبًا، فإذا جعلنا وجه الشبه في قولنا: النحو في الكلام كالملح في الطعام، أن كثرة الاستعمال مفسدة، وقلتها مصلحة؛ فسد التشبيه، لأن الوجه لا يكون بذلك محققًا للمعنى، ولا يتأتَّى تحقيقه في المشبه؛ إذن النحو لا يحتمل القلة والكثرة، فالمراد رعاية قواعده واستعمال أحكامه من رفع الفاعل، ونصب المفعول، وجر المجرور إلى غير ذلك، فإذا تحققت هذه الأحكام صلح الكلام، وإلا فسد. أما استعمال الملح في الطعام فكثيره مفسد، وقليله مصلح؛ لذا كان الوجه الجامع بين الطرفين هو الاستعمال مصلح، والإهمال مفسد، بغض النظر عن القلة والكثرة؛ إذن فلا بد لوجه الشبه أن يكون محققًا للغرض بين الطرفين، مثلًا قول الشاعر:
    غيري جنى وأنا المعاقب فيكم … فكأنني سبابة المتندم
    أعابوا هذا البيت لماذا؟ قالوا: لأن وجه الشبه وهو معاقبة البريء بترك الجاني متحقق في المشبه دون المشبه به؛ لأن سبابة المتندم عندما يعضُّ عليه عند ندمه تقع العقوبة عليها؛ لذا فهي جزء، أو عندئذٍ لا يكون المعاقب غير الجاني، فالصواب في ذلك هو ما جاء في قول آخر:
    حلفت فلم أترك لنفسك ريبة … وهل يأثمًا ذو إمة وهو طائع
    لكلفتني ذنب امرئ وتركته … كذا العرِّي يُكوى غيره وهو راتع
    فوجه الشبه هو معاقبة البريء، وترك الجاني موجود في كل من المشبه والمشبه به على وجه التحقيق؛ لذا كان تعبير النابغة جيدًا، وهو البيتين الأخيرين، وتشبيهه صوابًا محققًا، وكان تعبير ابن شرف القيرواني الذي سبقه ردئيًا، وتشبيهه من ثم كان معيبًا فاسد


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 21 نوفمبر 2024, 8:23 am