أبو الأسود الدُّؤَلي
(16ق . هـ ـ 69هـ/ 705 ـ 688م)
ظالم بن عمرو بن سفيان الكناني، وفي اسمه ونسبه ونسبته اختلاف كثير، أَوّل من أسّسَ العربيّةَ، وفتحَ بابهَا، وأنهجَ سبيلَها، ومعدود في التابعين والفقهاء والشعراء، وروى عن عمر وعليّ وأبي ذَرّ وابن عبّاس وطائفة.
أسلم في حياة النبي - - ، ولم يَرَه، ثمّ تشيّع لعليّ، وأَصْفَاه وُدَّه، وشهد معه وَقْعة صِفِّين، جعله عليٌّ قاضيَ البصرةِ ثمّ عَاملاً عليها، وقد تأذّى من ذلك، ولّما وَلي معاويةُ الخلافةَ أحجمَ عن الدخول في طاعته وقال شعراً يعرِّضُ به، غيرَ أّنَّه ما لبث أَنْ دخل في طاعته.
وفي أَوّلية وضع النحو اختلاف، فالجمهور من أهل الرواية على أّنّ أوّلَ من وضع النّحو عليُّ بْنُ أبي طالب، ومن الرواةِ مَنْ يقولُ: إِنَّ أَبا الأسودَ أَوّلُ من استنبطَ النّحوَ، وأخرجه من العدم إلى الوجود، وإِنّه رأى بخطه ما استخرجه، ولم يَعْزُه إلى أحد قبله؛ يقول ابنُ النّديم: «ورأيت ما يدل على أَنَّ النّحو من أَبي الأسود، ما هذه حكايته، وهي أربع أوراق، ترجمتها: هذه فيها كلام في الفاعل والمفعول من أبي الأسود بخط يحيى بن يعمر» وفي أسباب وضْعِه النَّحوَ أخبارٌ كثيرةٌ، منها أَنَّ ابنةً لأبي الأسود قالت له: يا أبتِ ما أشدُّ الحرِّ! في يومٍ شديدِ الحرّ ـ فقال لها: إِذا كانت الصَّقْعاءُ (الشمس) من فوقك، والرّمضاءُ من تحتك. فقالت: إنّما أردْتُ أَنّ الحرَّ شديدٌ. فقال لها: فقولي إَذن ما أشَدَّ الحرّ! وقيل: إنّ عمر بن الخطاب أمرَه بأن يعلّم أهلَ البصرة الإعرابَ، وقيل: إِنّ علياً هو الذي طلب إليه وضع مبادئ النحو، وقيل زياد بن أبيه. ولّما سُئل أبو الأسود: من أين لك هذا العلم؟ قال: لَقِنْتُ حدوده من علي بن أبي طالب.
والأكثرُون على أنّ أبا الأسود أَوّلُ مَنْ نَقَّطَ المصحفَ؛ و ضبطه بالشكل حينما اختلف النّاسُ في قراءة القرآن. وبصنيعهِ هذا يكون مُبْتدئَ علمِ الإعجام، لأنّ الحروفَ قبله كانت تتشابهُ صورها، وهي عاريةٌ عن النقط. وُصف أبو الأسود بأنّه من أكمل الرجال رأياً وأسدِّهم عقلاً، ولأبي الأسود أخبار كثيرة مع الخلفاء والأمراء، ولطائف في البُخل والإمْساك، مبسوطة في كتاب الأغاني، منها أنّه قال لبنيه: لا تُجَاوِدوا الله عزّ وجلّ فإنّه أجودُ وأَمْجَدُ، ولو شاء أَنْ يوسّعَ على الناس كلِّهم لَفَعَلَ، فلا تجهدوا أنفسكم في التوسع فتهلكوا هُزَالاً!
وله ديوان شعر مطبوع محقّق، يصّور أحداث حيا ته الشخصية ونوازعَه وميولَه السياسية، وأكثر شعره مقطوعات، تتصف بالجزالة دُونما إبداع، وإنْ كان شيءٌ منها جرى مجرى الأمثال. يقول الجاحظ: «أبو الأسود معدود في طبقات من الناس، وهو في كلِّها مقدَّم، مأثورٌ عنه الفضلُ في جميعها، كان معدوداً في التابعين والفقهاءِ والشُّعراءِ والمحدِّثين والأشراف والفرسانِ والأُمراءِ والدُّهاةِ والنّحويين وحاضري الجواب».
مات أبو الأسود في طاعون الجارف الذي اجتاح البصرة في أوّل سنة 69هـ على أصحّ الأقوال.
المصدر / الموسوعة العربية
(16ق . هـ ـ 69هـ/ 705 ـ 688م)
ظالم بن عمرو بن سفيان الكناني، وفي اسمه ونسبه ونسبته اختلاف كثير، أَوّل من أسّسَ العربيّةَ، وفتحَ بابهَا، وأنهجَ سبيلَها، ومعدود في التابعين والفقهاء والشعراء، وروى عن عمر وعليّ وأبي ذَرّ وابن عبّاس وطائفة.
أسلم في حياة النبي - - ، ولم يَرَه، ثمّ تشيّع لعليّ، وأَصْفَاه وُدَّه، وشهد معه وَقْعة صِفِّين، جعله عليٌّ قاضيَ البصرةِ ثمّ عَاملاً عليها، وقد تأذّى من ذلك، ولّما وَلي معاويةُ الخلافةَ أحجمَ عن الدخول في طاعته وقال شعراً يعرِّضُ به، غيرَ أّنَّه ما لبث أَنْ دخل في طاعته.
وفي أَوّلية وضع النحو اختلاف، فالجمهور من أهل الرواية على أّنّ أوّلَ من وضع النّحو عليُّ بْنُ أبي طالب، ومن الرواةِ مَنْ يقولُ: إِنَّ أَبا الأسودَ أَوّلُ من استنبطَ النّحوَ، وأخرجه من العدم إلى الوجود، وإِنّه رأى بخطه ما استخرجه، ولم يَعْزُه إلى أحد قبله؛ يقول ابنُ النّديم: «ورأيت ما يدل على أَنَّ النّحو من أَبي الأسود، ما هذه حكايته، وهي أربع أوراق، ترجمتها: هذه فيها كلام في الفاعل والمفعول من أبي الأسود بخط يحيى بن يعمر» وفي أسباب وضْعِه النَّحوَ أخبارٌ كثيرةٌ، منها أَنَّ ابنةً لأبي الأسود قالت له: يا أبتِ ما أشدُّ الحرِّ! في يومٍ شديدِ الحرّ ـ فقال لها: إِذا كانت الصَّقْعاءُ (الشمس) من فوقك، والرّمضاءُ من تحتك. فقالت: إنّما أردْتُ أَنّ الحرَّ شديدٌ. فقال لها: فقولي إَذن ما أشَدَّ الحرّ! وقيل: إنّ عمر بن الخطاب أمرَه بأن يعلّم أهلَ البصرة الإعرابَ، وقيل: إِنّ علياً هو الذي طلب إليه وضع مبادئ النحو، وقيل زياد بن أبيه. ولّما سُئل أبو الأسود: من أين لك هذا العلم؟ قال: لَقِنْتُ حدوده من علي بن أبي طالب.
والأكثرُون على أنّ أبا الأسود أَوّلُ مَنْ نَقَّطَ المصحفَ؛ و ضبطه بالشكل حينما اختلف النّاسُ في قراءة القرآن. وبصنيعهِ هذا يكون مُبْتدئَ علمِ الإعجام، لأنّ الحروفَ قبله كانت تتشابهُ صورها، وهي عاريةٌ عن النقط. وُصف أبو الأسود بأنّه من أكمل الرجال رأياً وأسدِّهم عقلاً، ولأبي الأسود أخبار كثيرة مع الخلفاء والأمراء، ولطائف في البُخل والإمْساك، مبسوطة في كتاب الأغاني، منها أنّه قال لبنيه: لا تُجَاوِدوا الله عزّ وجلّ فإنّه أجودُ وأَمْجَدُ، ولو شاء أَنْ يوسّعَ على الناس كلِّهم لَفَعَلَ، فلا تجهدوا أنفسكم في التوسع فتهلكوا هُزَالاً!
وله ديوان شعر مطبوع محقّق، يصّور أحداث حيا ته الشخصية ونوازعَه وميولَه السياسية، وأكثر شعره مقطوعات، تتصف بالجزالة دُونما إبداع، وإنْ كان شيءٌ منها جرى مجرى الأمثال. يقول الجاحظ: «أبو الأسود معدود في طبقات من الناس، وهو في كلِّها مقدَّم، مأثورٌ عنه الفضلُ في جميعها، كان معدوداً في التابعين والفقهاءِ والشُّعراءِ والمحدِّثين والأشراف والفرسانِ والأُمراءِ والدُّهاةِ والنّحويين وحاضري الجواب».
مات أبو الأسود في طاعون الجارف الذي اجتاح البصرة في أوّل سنة 69هـ على أصحّ الأقوال.
المصدر / الموسوعة العربية