قال المعلم لتلاميذه في الصف الثاني:
غداً سيكون عيد الأم. حاولوا يا أطفال أن تقدموا لأمهاتكم هدايا بسيطة ومعبرة. فالهدية في قيمتها المعنوية، وليست في غلاء ثمنها.
كلمات المعلم حيّرت سامر وشغلت تفكيره. إذ كيف يكون للهدية قيمة إذا لم تكن غالية الثمن؟
إنه يتمنى أن يشتري لأمه الرائعة، أجمل هدية وأثمن هدية في الوجود.
لكن ماذا يفعل، وحصالته لا تحوي سوى عدد محدود من الليرات؟
فكّر وفكّر، ولم يهتد إلى حل مناسب.
فخطرلـه أن يحكي لرفاقه في أثناء الاستراحة مشكلته، ويتشاور معهم في حلِّها.
قاللـه عمر: قدم لها بعض السكاكر.
أجاب سامر: لكنّ أمي لا تحبها.
قال حسن: قدم لها بعض المواد المنظقة، لتنظف بها الصحون.
ردّ سامر: لدينا منها الكثير في البيت.
اقترح عليه شادي أن يشتري لها وردة حمراء.
فقال سامر: فكرة جميلة، لكني أريد أن أهدي أمي شيئاًلـه قيمة أكبر.
شارك زياد في الحوار، بقوله: لا بأس ببعض أقراص المعمول.
ضحك سامر، وقال: لا يمكن ذلك، وأمي تصنع أطيب معمول في الدنيا.
تدخل تمام مقترحاً، أن يشتري لها قفصاً فيه عصفور كناري يغني في الصباح والمساء.
لا أستطيع، لأن أمي تكره رؤية عصفور في قفص، ودائماً تردد:
العصافير لم تخلق لتحبس في الأقفاص، بل لتطير في السماء.
دخل سامر إلى الصف، وهو ساهم يفكر بالهدية التي لم يقرر نوعها بعد.
وفجأة سمع المعلم يقول: لديكم ساعة حرة، اصنعوا فيها ما تشاؤون.
تناول سامر من درجه طبقاً من الورق المقوى ذي اللون الأحمر، رسم عليه قلباً، قص القلب بالمقص، مسح على سطحه بالصمغ، ورشَّ عليه مسحوقاً فضياً براقاً، ثم كتب بخط كبير: عيد مبارك يا أمي.
في اليوم التالي، لاحظت الأم أن سامراً قلق ومشوش الذهن. فاقتربت منه، أحاطته بذراعيها، وسألته بحنان:
ما بك يا سامر؟
لم يجب سامر أمه، وإنما أخرج من حقيبته البطاقة التي أعدَّها في المدرسة وقدمها لها، وهو يقول: كل عام وأنت بخير يا أمي.
ضمته أمه إلى صدرها، وقالت: يا لها من بطاقة جميلة! شكراً على هديتك يا بنيّ.
أجاب سامر: إنها بطاقة، وليست هدية. فأنا لم أحضر هديتي بعد.
قالت الأم: أنت لي أثمن هدية، فلولا وجودك في حياتي، لما أصبحت أماً واشتركتُ مع الأمهات في عيد الأم.
عانق سامر أمه بحرارة، قبّلها وهو يردد: عيد مبارك يا أمي، عيد سعيد