الدرس الثالث- منتصر ومجاهد
الشمس تميل نحو الغريب مسرعة كأنها تستحث الليل المظلم على الوصول طائرة مصرية مقاتلة يقودها طيار مصري اسمه منتصر ومعه زميله مجاهد تطير بأقصى سرعة لها كأنها في سباق مع الزمن .
لقد دمر العد ومعظم ممرات الطائرات وتسيد الجو وحلت كارثة النكسة المدوية بمصر كان كل هم منتصر بمجاهد عندما حلقا يطائراتهما أن يلحقا بالعدوانية خسارة قبل أن يتمكن من بسط نفوذه على سيناء .
شاهدا رتلا من مدرعات العدو كمراه بالكامل تبعه عدد من الدبابات التي وجهت مدفعيتها صوب الطائرة أصابتها قذيفة أصيب مجاهد إصابة بالغة هبط بمظلته في أحد وديان سيناء حاول منتصر الصمود بالطائرة التي اشتعلت ولم يكن أمامه مفر من الهبوط بمظلته فهبط بقرب مدخل كهف . رأي منتصر مشهدا لم يفارقه طوال حياته مجموعة من الذئاب يقودها ذئب له غرة بيضاء على شكل قوس في جبهته تحيط بمجاهد غير القادر على المقاومة رفع الذئب رأسه إلى أعلى فتوسطت قرص الشمس ثم خفض رأسه توقع منتصر ماذا حدث بعد ذلك لقد فتك الذئب ومجموعته بمجاهد وأرسل قرص الشمس آخر ضوء له معلنا قدوم ليل أسود كانت الليلة مساء الخامس من يونيو عام 1967 م وبعدها راح منتصر في غيبوبة عميقة أفاق منتصر غيبوبته فوجد نفسه في خيمة يحيط به أربعة رجال من بدو سيناء تحدث أكبرهم قائلا : حمدا لله على سلامتك يا ولدي أخبرنا كيف وصلت إلى هنا ؟ ومن أنت ؟ حكى منتصر القصة كاملة والدموع تملأ عينيه عندما تذكر زميله مجاهدا .. قال الشيخ : لا بأس يابني لقد احتلت إسرائيل سيناء كلها وعلينا أن ننتظر حتى نعد الترتيبات اللازمة لعودتكم .
أقام منتصر بين البدو عشرة أشهر كاملة يرعى الغنم طوال النهار ويبيت في الخيمة ولم يكن يشغل باله إلا أمر واحد هو أن يعود إلى أعله بأقصى ما يمكن .. كان منتصر يعاني من أزمة نفسية حادة فكلما رأى قرص الشمس الأحمر كان يملؤه يقين بقرب عودته وحان يحزنه كذلك مشهد الذئب عندما رفع رأسه نحو قرص الشمس ثم افترس زميله مجاهدا .