نصر أكتوبر العظيم
الصمت بلف المكان .. الساعة تقارب الثانية ظهرا .. وعلى غير انتظار .. يخرج المارد المصري من قمقمه محطما كل القيود ومتفوقا على كل التوقعات .
انطلقت نسور الجو تعبر القناة وتصاحبها طلقات من المدفعية .. تدك حصون العدو وقلاعه وشرع الجنود البواسل ينشئون جسور العبور وانطلقت صيحاتهم هادرة : الله أكبر .. الله أكبر تبارك المسيرة وتزلزل الأرض تحت أقدام العدو الذي فر جنوده هاربين أمام الزحف المقدس إنه يوم السادس من أكتوبر عام 1973 م .
كان ( منتصر ) من أوائل الطيارين الذين حلقوا بطائراتهم لدك حصون العدو والقضاء على مناطق تجمعاته وتحطيم مراكز قيادته كانت كل طلقة يطلقها كأنه يبحث عن الذئب الذي احتل الوطن واغتصب الأرض كانت الذئاب التي تهرب من أمامه من جنود الأعداء تشبه تماما ذلك الذئب الذي افترس صديقه الشهيد ( مجاهدا ) .
وفي غضون ست ساعات رائعة تم النصر ورفرفت أعلام مصر فوق سيناء وبعدها بأسبوع استأذن ( منتصر ) قائده لأداء مهمة خاصة لم يفارقه حلم القيام بها طوال السنوات الست .. قاد أحد زملائه الطائرة وظل ( منتصر ) يشحذ ذاكرته حتى ظهرت له المنطقة التي سقط فيها هو ومجاهد من قبل فأشار لصديقه بأنه سيهبط وهبط ( منتصر ) متأبطا مدفعا رشاشا ولمح الكهف الذي اختبأ به من قبل وجلس خلف تل رملي منتظرا قدوم الذئب .
كان قرص الشمس قد ازداد توهجا بلونه الأحمر وسرعان ما برز الذئب ذو الغرة البيضاء التي تشبه القوس على جبهته من خلف الوادي تصحبه مجموعة من الذئاب .. استعد ( منتصر ) رفع الذئب رأسه ليقابل قرص الشمس الأحمر كما فعل أول مرة ثم خفضها .. وفي اللحظة ذاتها انطلقت رصاصات مدفع ( منتصر ) لتخترق جسم الذئب معلنة أنه لن يرفع رأسه مرة أحرى ووقتها رفع منتصر رأسه ليقابل قرص الشمس متمتما بفرحة غامرة : ( الله يرحمك يا مجاهد , وخيل إليه أنه يرى ابتسامة قرص الشمس الأحمر